
مع دخول الصراع السوري عامه الرابع عشر، تبرز أحداث الساحل السوري كتهديد جديد للأمن والاستقرار، وسط محاولات لاستغلالها لتأجيج الفتنة الطائفية.
ورغم ما يحمله المشهد من تعقيدات، تبذل الدولة السورية جهودًا واسعة لاحتواء التمرد وقطع الطريق أمام أي محاولات لزعزعة السلم الأهلي.
التمرد المسلح واستغلال الفوضى
تشير التقارير الأمنية إلى أن فلول النظام السابق، بقيادة شخصيات عسكرية بارزة مثل العميد السابق غياث دلّا، لعبت دورًا في تأجيج الأوضاع، مستغلة ضعف الاستقرار الأمني في الساحل السوري.
وجاء الإعلان عن تشكيل ما يسمى بـ”المجلس العسكري لتحرير سوريا” ليكشف عن نوايا لإعادة رسم خارطة الصراع، وسط اتهامات لعناصر مرتبطة بإيران وحزب الله بتعزيز الفوضى من خلال دعم ميليشيات مذهبية.
وفي خطوة تصعيدية، أُعلن عن تشكيل جبهة “المقاومة الإسلامية” في سوريا بقيادة مقداد فتيحة، وهو تطور خطير ينذر بتوسيع رقعة العنف، خاصة مع الخطاب التحريضي لهذه الجبهة واستعدادها لخوض مواجهات مع مؤسسات الدولة.
جهود الدولة في إجهاض التمرد
أمام هذا التهديد المتنامي، تحركت الدولة السورية بحزم لاستعادة السيطرة على المناطق المضطربة في الساحل السوري.
فقد أعلنت وزارة الدفاع عن إغلاق الطرق المؤدية إلى المنطقة لمنع تدفق المسلحين، كما شُكّلت لجنة طارئة لرصد المخالفات وضبط الخارجين عن القانون.
وتزامنًا مع العمليات الأمنية، كثفت الأجهزة العسكرية من عملياتها الميدانية، ما أسفر عن اعتقال عدد من القادة العسكريين السابقين المتورطين في التمرد، فيما تستمر عمليات ملاحقة باقي العناصر المتخفية.
منع الانزلاق إلى الفتنة:
وتحاول الدولة السورية تفكيك الأبعاد الطائفية للأحداث، إدراكًا لخطورة الانزلاق في دوامة الفوضى. حيث أكد مدير إدارة الأمن في اللاذقية أن السلطات “ملتزمة بحماية السلم الأهلي”، وهو ما ظهر جليًا في النهج الحذر الذي تتبعه القوات الأمنية، والذي يستهدف العناصر المسلحة فقط دون المساس بالمدنيين.
في هذا السياق، تعمل الإدارة السورية الجديدة على تفعيل مسارات المصالحة المحلية، لمنع أي محاولات لاستغلال الأحداث لصالح أجندات خارجية، وخاصة تلك المدعومة من إيران التي تسعى لتعزيز نفوذها عبر أذرعها المسلحة.
الموقف الإقليمي والدولي
وسط هذه التطورات، تراقب الأطراف الإقليمية والدولية الوضع في الساحل السوري بحذر، إذ تخشى القوى الغربية والعربية من أن يؤدي هذا التمرد إلى موجة جديدة من عدم الاستقرار في سوريا والمنطقة.
كما تسعى روسيا، الحليف الأساسي لدمشق، إلى دعم جهود الدولة السورية في احتواء الوضع، خشية أن تتحول الأحداث إلى نقطة ارتكاز لتدخلات أجنبية جديدة.
ورغم خطورة التمرد المسلح في الساحل السوري، فإن الإجراءات الأمنية والسياسية التي تتخذها الدولة السورية تعكس إدراكها لضرورة تفادي الانزلاق نحو فوضى أوسع.
ومع استمرار العمليات العسكرية ضد العناصر المسلحة، تبرز الحاجة إلى تفعيل استراتيجيات شاملة تعالج جذور المشكلة، من خلال فرض الأمن، وتعزيز المصالحات، ومواجهة الأجندات الخارجية التي تسعى لتأجيج الصراع الطائفي.
المسار المستقبلي لهذا التمرد سيعتمد إلى حد كبير على قدرة الدولة على ضبط المشهد الأمني، ونجاحها في تفكيك الشبكات المسلحة ومنعها من إعادة التموضع في أي منطقة أخرى داخل سوريا.