
استضاف معهد واشنطن مؤخرا منتدى سياسي افتراضي شارك فيه خبراء بارزون في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، من بينهم دينيس روس، وماثيو ليفيت، ونعومي نيومان.
جرى خلال المنتدى مناقشة تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتداعياته على إسرائيل و”حماس”، وكذلك آفاق السياسة الأمريكية في المنطقة، كما تم استعراض البدائل السياسية التي قد تعتمدها إدارة ترامب لتعزيز السلام في غزة والمناطق المجاورة.
الاتفاق والعلاقات الإسرائيلية والأمريكية:
وفقًا لدينيس روس، الزميل المميز في معهد واشنطن، فإن شروط اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تشبه إلى حد كبير تلك التي طرحتها إسرائيل على الرئيس بايدن في أيار/مايو الماضي.
ويُرجح أن يكون “تأثير ترامب” عاملاً رئيسيًا وراء إتمام الاتفاق. حيث أكد التنسيق بين الإدارتين الأمريكية الحالية والمقبلة مع مصر وقطر وإسرائيل على أن إبرام هذا الاتفاق يمثل أولوية لواشنطن، بالرغم من تغير الإدارة في البيت الأبيض.
وأشار روس إلى أن المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط السابق ستيف ويتكوف، كان له دور بارز في المراحل الأخيرة من المفاوضات، مما عكس التزام إدارة بايدن بالانخراط في الجهود المستقبلية للاتفاق.
كما اعتبر أن التطبيع بين السعودية وإسرائيل يمثل أولوية كبيرة بالنسبة لترامب، لكن هذا لا يزال بعيدًا في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
التحديات أمام “حماس” والمستقبل العسكري في غزة:
من جهته، أشار ماثيو ليفيت، الزميل في معهد واشنطن والمتخصص في مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إلى أن “حماس” تواجه تحديات استراتيجية خطيرة، حيث تعرضت الحركة لأضرار جسيمة في قدراتها العسكرية، وتعرضت لانتكاسات كبيرة في عدد من المناطق الهامة.
ورغم ذلك، تبدو “حماس” في وضع صعب حيث كانت تأمل في استعادة نفوذها بعد الهجوم على إسرائيل، لكن الحركة تبدو الآن مستعدة لتغيير استراتيجيتها والتركيز على مهمتها العقائدية المتمثلة في الجهاد ضد إسرائيل.
وأضاف ليفيت أن “حماس” لم تعد تهتم بالحكم المباشر لغزة بقدر اهتمامها بتوجيه مواردها نحو تعزيز دورها العسكري والسياسي في المنطقة.
ويُعدّ هذا التغيير في استراتيجيتها تحديًا كبيرًا لإسرائيل، التي ستحتاج إلى التأكد من أن وقف إطلاق النار لا يعزز من نفوذ “حماس” أو يُعقد التوصل إلى اتفاق دائم.
مستقبل غزة والخيارات السياسية أمام واشنطن:
أما نعومي نيومان، الزميلة الزائرة في معهد واشنطن ورئيسة سابقة لوحدة الأبحاث في جهاز الأمن العام الإسرائيلي، فقد تناولت في مداخلتها الأسئلة المحورية التي تطرحها المرحلة المقبلة من الاتفاق.
وأشارت إلى أن توقيع اتفاق وقف إطلاق النار جاء بعد ضغوط هائلة من إدارة ترامب، التي سعت إلى إتمامه في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها غزة.
وعن تأثير الاتفاق على الطرفين، قالت نيومان إن “حماس” حققت إنجازًا من خلال بقاء الحركة في المشهد السياسي، لكنها تواجه ضغوطًا شديدة من المجتمع الدولي، خصوصًا في ظل تزايد الضحايا المدنيين في غزة.
من جانبها، أبدت إسرائيل موافقتها على الاتفاق تحت ضغط من إدارة ترامب، مع التأكيد على أن الهدنة المؤقتة قد تفتح المجال أمام مواجهة أكبر مع التحديات الإقليمية الأخرى مثل إيران.
وفيما يخص الخطوات المستقبلية، أضافت نيومان أن تنفيذ الاتفاق بشكل كامل، بما في ذلك خطة إعادة الإعمار ونزع سلاح “حماس”، سيعتمد بشكل أساسي على التزام إدارة ترامب بالضغط لتحقيق تقدم ملموس.
وأضافت أن الخيار الأكثر واقعية لتجنب العودة إلى سيطرة “حماس” على غزة هو السماح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى غزة وتولي مسؤولية الحكم، رغم أن هذا الخيار يظل بعيدًا عن المثالية.
في النهاية؛ يظل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة خطوة مهمة نحو تخفيف حدة التصعيد، لكن التحديات التي يواجهها الطرفان – إسرائيل و”حماس” – لا تزال كبيرة. علاوة على ذلك، سيظل دور إدارة ترامب حاسمًا في تحديد ما إذا كان الاتفاق سيؤدي إلى حل دائم للصراع أم أنه سيكون مجرد تهدئة مؤقتة.
في هذا السياق، يبقى السؤال المفتوح حول مستقبل غزة وإمكانية تحقيق استقرار سياسي طويل الأمد في المنطقة.