Podcast Icon
سياسة

إيران في مأزق بعد سقوط نظام الأسد: هل اقتربت نهاية النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط؟

يواجه النظام الإيراني واحدة من أكبر الانتكاسات الاستراتيجية في تاريخه الحديث، وذلك بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، الذي كان حليفًا رئيسيًا لطهران في المنطقة. ويرى مراقبون أن هذه الخسارة تُشابه هزيمة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، مما قد يُمهّد لنهاية النظام الإيراني أو على الأقل تراجع نفوذه بشكل كبير.

هزيمة عسكرية ساحقة
كشف تقرير صادر عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في برلين، أن إيران كانت تمتلك، حتى 7 ديسمبر 2024، نحو 10,000 عنصر من الحرس الثوري الإيراني في سوريا، إلى جانب 5,000 جندي آخر من الجيش الإيراني، إضافة إلى آلاف العناصر من الميليشيات المدعومة من طهران. كما كانت تسيطر على 55 قاعدة عسكرية في سوريا، و515 نقطة تمركز للمسلحين الموالين لها، ضمن 830 موقعًا عسكريًا أجنبيًا على الأراضي السورية، 70% منها كانت تتبع لإيران. إلا أن هذه البنية العسكرية الضخمة انهارت تمامًا بعد سقوط النظام السوري.

وبحسب التقرير، فإن إيران أنفقت أكثر من 60 مليار دولار لدعم نظام الأسد، لكنها خسرت هذه الاستثمارات بشكل مفاجئ، مما جعلها أمام واقع جديد يُهدد استراتيجيتها الإقليمية التي استمرت لعقود.

الخيانة السورية والضربة القاسية للمحور الإيراني
يرى حسين كناني مقدم، القائد السابق في الحرس الثوري والمحلل السياسي، أن “إيران تعرّضت للخيانة من قبل الجيش السوري”، مشيرًا إلى أن سقوط الأسد مثّل ضربة قاتلة لـ”محور المقاومة”، الذي يربط طهران ببغداد ودمشق وبيروت، وهو الحلف الذي تمّ العمل على بنائه طوال 45 عامًا.

ويضيف العميد في الجيش الإيراني، بهروز أسبتي، أن إيران تلقت “ضربة قوية للغاية”، موضحًا أن العلاقة بين طهران والنظام السوري السابق شهدت توترًا كبيرًا، حيث رفض الأسد طلبات إيرانية متكررة لفتح جبهة ضد إسرائيل انطلاقًا من الأراضي السورية، ما زاد من تعقيد المشهد بالنسبة لطهران.

انسحاب إيراني.. ولكن هل هو نهائي؟
أفادت الباحثة بسمه فايد، من المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أن إيران اضطرت إلى سحب جميع عناصر الحرس الثوري والجماعات المسلحة التابعة لها، بمن فيهم مقاتلون من باكستان وأفغانستان والعراق ولبنان وسوريا، إلى بلدة القائم الحدودية في العراق. كما انسحب مقاتلو حزب الله برًّا إلى لبنان، تاركين خلفهم كميات ضخمة من الأسلحة والمعدات العسكرية، التي دُمر بعضها في الغارات الجوية الإسرائيلية، فيما استولت فصائل مسلحة أخرى على جزء منها.

ورغم هذه الضربة القاسية، تحذّر المسؤولة الأمريكية باربرا ليف، من أن إيران قد تسعى إلى إعادة إدخال نفسها إلى سوريا، رغم أن “التضاريس الاستراتيجية أصبحت الآن معادية جدًا” لها.

التداعيات الداخلية.. هل يعود الزخم للمعارضة الإيرانية؟
مع تراجع النفوذ الإيراني في سوريا، تزداد الضغوط الداخلية على النظام الإيراني، الذي يُواجه أصلاً احتجاجات متكررة ومعارضة متصاعدة. وترى الباحثة أنييس لوفالوا، من معهد الأبحاث والدراسات حول المتوسط والشرق الأوسط، أن “ما حدث قد يُعيد الزخم لحركة الاحتجاجات الشعبية في إيران”، لا سيما أن الحرس الثوري، الذي يُعتبر العمود الفقري للنظام، بات في موقف ضعيف.

وفي هذا السياق، دعت مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المجتمع الدولي إلى “الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني بدلًا من استرضاء النظام”، مؤكدة أن تراجع طهران في سوريا قد يكون فرصة لتعزيز الضغوط الدولية على النظام الإيراني، وربما التسريع بسقوطه.

هل تلجأ إيران إلى بدائل أخرى لتعويض خسارتها؟
يعتقد خبراء أن طهران لن تتخلى بسهولة عن طموحاتها الإقليمية، حيث أشار المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب إلى أن إيران قد تحاول استعادة قنوات نفوذها في سوريا عبر الجماعات الجهادية، مثل تنظيم القاعدة، أو عبر خلق اضطرابات تمنع استقرار أي نظام جديد في دمشق.

كما قد تتبع طهران استراتيجيات مماثلة لما قامت به سابقًا في العراق وأفغانستان، حيث دعمت فصائل مسلحة لعرقلة النفوذ الأمريكي وإبقاء المنطقة في حالة عدم استقرار تخدم مصالحها.

إيران في مفترق طرق
بعد خسارتها الاستراتيجية في سوريا، تجد إيران نفسها في موقف حرج، حيث تواجه تحديات داخلية متصاعدة، وضغوطًا دولية متزايدة، وخسائر كبيرة في نفوذها الإقليمي. وبينما يرى بعض المحللين أن هذه الهزيمة قد تكون بداية نهاية النظام الإيراني، يعتقد آخرون أن طهران ستواصل البحث عن سُبل للعودة، سواء عبر ميليشياتها أو بتحالفات جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى