إيران في مأزق استراتيجي: فرصة بريطانيا لتغيير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط

أكد مركز الأبحاث البريطاني “بوليسي إكستشينج” أن إيران تعيش مرحلة ضعف غير مسبوقة، مما يفتح نافذة أمام بريطانيا لدعم سياسة “الضغط الأقصى” التي يتبناها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بهدف تحقيق استقرار طويل الأمد في الشرق الأوسط.
التقرير الذي حمل عنوان “الأزمة والفرصة في الشرق الأوسط: خيارات السياسة البريطانية تجاه إيران في عام 2025″، استعرض أهم التطورات الإقليمية والدولية التي ساهمت في إضعاف النظام الإيراني، وأوصى باتخاذ خطوات جريئة لاستثمار هذا الوضع.
تحولات إقليمية: انهيار النفوذ الإيراني
أشار التقرير إلى أن تداعيات هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي نفذته حركة “حماس”، لم تقف عند حدود الإضرار بسمعة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بل قادت إلى تغييرات جوهرية في موازين القوى الإقليمية. وجاء في التقرير: “الجماعات التابعة لإيران، بما فيها حزب الله في لبنان وحماس في غزة، شهدت تراجعا حادا، في حين انهارت القدرات العسكرية للنظام الإيراني نفسه.”
وأكد ويليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، في تصريحاته يوم 10 يناير (كانون الثاني)، أن “الهجمات الصاروخية الفاشلة لإيران ضد إسرائيل، وانهيار حزب الله، وتراجع قوة حماس، وسقوط نظام بشار الأسد، كلها عوامل أضعفت بشكل كبير موقف إيران الاستراتيجي.”
أزمة داخلية: اقتصاد منهك وسخط شعبي
على الصعيد الداخلي، يعاني الاقتصاد الإيراني من أزمة خانقة، حيث وصل معدل التضخم إلى أعلى مستوياته منذ 80 عاما، بالتزامن مع زيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة 200% في ميزانية النظام الأخيرة. وفي الوقت الذي يعاني فيه الشعب الإيراني من تدهور الأوضاع المعيشية، خرجت مظاهرات احتجاجية متكررة، أبرزها إضراب تجار منطقة “15 خرداد” في طهران يوم 29 ديسمبر (كانون الأول).
وقال التقرير إن “الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في إيران تعزز من حالة السخط الاجتماعي، وهو ما يضع النظام تحت ضغط داخلي هائل.”
“الضغط الأقصى”: خيار استراتيجي لبريطانيا
تناول التقرير السيناريوهات المحتملة للتعامل مع إيران، مشيراً إلى أن بريطانيا تمتلك فرصة فريدة للانضمام إلى سياسة “الضغط الأقصى” الأميركية، مما سيساهم في:
1 – تعزيز الاستقرار الإقليمي.
2 – تقوية العلاقات مع الحلفاء العرب، الذين يعتبرون إيران التهديد الأكبر لأمنهم.
3 – ضمان استمرار تدفق النفط في ظل التنافس الأميركي-الصيني في المحيط الهادئ.
وفي هذا السياق، دعا مارك سيدويل، المستشار الأمني البريطاني السابق، الحكومة البريطانية إلى تبني موقف مشابه لسياسة ترامب، قائلاً “توحيد الجهود الدولية ضد إيران يمكن أن يؤدي إما إلى تغيير النظام أو إجباره على تعديل سلوكه جذرياً.”
خلافة خامنئي: خطر التصعيد الداخلي والدولي
تطرق التقرير إلى مسألة خلافة المرشد الإيراني علي خامنئي، مشيراً إلى أن الصراع الداخلي حول هذه القضية قد يعزز من سيطرة التيارات الأكثر تشدداً في النظام. وأضاف التقرير أن هذا الصراع قد يؤدي إلى تصعيد في البرنامج النووي الإيراني، مع احتمال توسع تأثيره إلى خارج حدود إيران.
وحذر المركز من أن “تعزيز الجماعات المتشددة سيجعل من الصعب على المجتمع الدولي التعامل مع إيران.”
وأوصى التقرير بضرورة الضغط على طهران لضمان تعيين خليفة يتبنى سياسات إصلاحية على المستوى الداخلي والدولي.
سياسة بريطانية حازمة
اختتم التقرير بسلسلة توصيات للحكومة البريطانية، أبرزها:
1 – دعم الحلفاء العرب في مواجهة إيران، وتعزيز الشراكات الاقتصادية والأمنية معهم.
2 – التنسيق مع واشنطن في تبني سياسة “الضغط الأقصى” لإضعاف النفوذ الإيراني.
3 – التأكيد على أهمية الاستقرار الإقليمي لضمان استمرار تدفق النفط وحماية المصالح البريطانية.
4 – الدفع باتجاه إصلاحات داخلية في إيران، تشمل توسيع الحريات السياسية والاجتماعية.
نحو شرق أوسط جديد
خلص التقرير إلى أن التحولات الإقليمية والدولية الحالية توفر فرصة غير مسبوقة لبريطانيا لتعزيز دورها كقوة فاعلة في الشرق الأوسط. ومع تبني سياسة حازمة تجاه إيران، يمكن لبريطانيا أن تسهم في خلق شرق أوسط مستقر ومزدهر، بما يخدم مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة.