إيران على حافة الانهيار.. استقالات وانتفاضة مسلحة تقترب

تواجه إيران واحدة من أخطر الأزمات في تاريخها الحديث، إذ تتوالى الإخفاقات الداخلية والخارجية التي تهدد استقرار النظام الإيراني وتضعه في موقف لا يحسد عليه. فبعدما استنزفت مواردها في مغامرات عسكرية وصراع داخلي على السلطة، باتت طهران تفقد رأس مالها الاستراتيجي بشكل متسارع، وفقًا لمحللين سياسيين واستراتيجيين.
أزمة داخلية متفاقمة: مؤشرات على انهيار النظام
ذكرت صحيفة “لا ديبيش” الفرنسية أن هناك تقارير متزايدة عن احتمال استقالة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وسط تصاعد التوترات الداخلية ووصول البلاد إلى نقطة الغليان. ووفقًا للصحيفة، قد تشهد إيران انتفاضة مسلحة لأول مرة، ما يعكس حجم التوتر الذي يهدد النظام من الداخل.
وكان لمقتل الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي في مايو 2024 أثرٌ كبيرٌ في زعزعة استقرار النظام، رغم تمتع المرشد الأعلى علي خامنئي بسلطة مطلقة. لكن التحدي الأبرز يتمثل في فقدان النظام لشرعيته الشعبية، حيث يؤكد الأكاديمي والمحلل السياسي حميد عنايت أن “انتخاب بزشكيان لم يكن خيار خامنئي، وقد جرت الانتخابات بمشاركة 8% فقط من السكان، ما يعني أن 92% من الإيرانيين يعارضون النظام”.
بقاء النظام بين القمع الداخلي والتدخلات الخارجية
في ظل موجات متتالية من الاحتجاجات الشعبية التي هزّت أسس النظام، لجأ خامنئي إلى استراتيجية التطهير السياسي داخل حكومته، متخلصًا من أي شخص لا يخضع تمامًا لسلطته.
ووفقًا لمراقبين، فإن انتفاضتي عامي 2019 و2022 شكلتا ضربات قاسية للنظام، الذي حاول التغطية عليها من خلال دعم حماس في صراعها مع إسرائيل نهاية 2023، في محاولة لإشغال الرأي العام المحلي وخلق تهديد خارجي يبرر استمرار القمع الداخلي.
لكن هذه الاستراتيجية لم تؤتِ ثمارها، إذ فقدت إيران نفوذها الإقليمي بشكل متسارع، وأصبحت معزولة أكثر من أي وقت مضى، مما يهدد ركائز بقائها المعتمدة على القمع الداخلي وتصدير الإرهاب إلى الخارج.
سقوط المشاريع العسكرية وخسارة التحالفات
منذ عقود، اعتمدت إيران على توسيع نفوذها في الشرق الأوسط من خلال دعم الميليشيات التابعة لها، مثل حزب الله والحوثيين، لكن هذه الاستراتيجية باتت تنهار.
ويقول خامنئي دائمًا: “إذا لم نقاتل في سوريا، فسيتعين علينا القتال في طهران”، إذ لم تكن سوريا مجرد ممر للأسلحة، بل كانت حجر الأساس لمشروعه الإقليمي. غير أن الضربات القاسية التي تعرضت لها قوات الأسد وفيلق القدس، الذراع الخارجي للحرس الثوري، جعلت إيران تخسر استثماراتها العسكرية هناك.
ووفقًا لتقارير، فقد كان لإيران سبع قواعد جوية وأكثر من 500 موقع استراتيجي في سوريا، واستثمرت مئات المليارات من الدولارات في هذه المغامرة. لكن كل هذه القواعد والمنشآت دُمرت بالكامل، ما جعل النفوذ الإيراني في سوريا يتلاشى.
انهيار اقتصادي وشعب في حالة غضب
يرى المحلل حميد عنايت أن إيران لم تفقد فقط نفوذها الإقليمي، بل تواجه انهيارًا داخليًا، حيث تعاني البلاد من:
تضخم مفرط وبطالة متزايدة
فقر مدقع يعصف بثلثي السكان
انهيار شبه كامل للطبقة الوسطى
كما تشير التقديرات إلى أن إيران أنفقت أكثر من 2 تريليون دولار على برنامجها النووي، إضافة إلى مئات المليارات لدعم ميليشياتها في الخارج. ومع ذلك، فإن 96% من الإيرانيين يكافحون لتغطية نفقاتهم، في حين أن الفساد المستشري داخل الحرس الثوري أدى إلى نهب الاقتصاد الإيراني بالكامل.
تمرد داخل النظام وانتقادات علنية لخامنئي
لأول مرة، بدأت شخصيات دينية وسياسية داخل إيران تنتقد خامنئي بشكل علني. حيث قال سليماني أردستاني، وهو عضو بارز في مجلس علماء قم:
“الديكتاتور يضطهد شعبه، ونحن ندعمه بحجة الدفاع عن المقدسات”، مضيفًا أن النظام “ارتكب أخطاء جسيمة وعليه أن يعتذر للأمة”.
كما صرّح خبير اقتصادي مقرب من النظام محذرًا من الوضع الراهن، مشيرًا إلى أن البلاد تعاني من فساد هيكلي يدفعها نحو الانهيار الكامل.
انتفاضة مسلحة تلوح في الأفق
أفادت “لا ديبيش” أن المجتمع الإيراني بدأ يتجه نحو خيارات أكثر راديكالية وعدائية ضد النظام، وسط فقدان الأمل في الإصلاحات السياسية.
وفي ظل تصاعد القمع، ازدادت قوة المقاومة الإيرانية المسلحة، التي أصبحت قادرة على تنفيذ عمليات منسقة ضد الحرس الثوري. ويؤكد حميد عنايت أن هذه المقاومة قد تلعب دورًا حاسمًا في إسقاط النظام، مشيرًا إلى أن “أي نظام لا يسقط بدون مقاومة منظمة، كما رأينا في سوريا”.
واشنطن وتصعيد المواجهة مع طهران
مع عودة إدارة ترامب، يبدو أن هناك توجهًا أمريكيًا واضحًا نحو تفكيك النفوذ الإيراني بالكامل. فواشنطن لم تكتفِ بإضعاف حماس وحزب الله، بل تتجه نحو القضاء على الحشد الشعبي في العراق، كجزء من استراتيجيتها لعزل طهران تمامًا.
وفي حال استمرت إيران في برنامجها النووي، فقد تواجه عقوبات أشد أو حتى ضربات عسكرية مباشرة ضد منشآتها النووية. وهو ما قد يؤدي إلى انفجار شعبي داخلي في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور.
إيران بين خيارين: التسوية أو المواجهة المفتوحة
مع تصاعد الغضب الشعبي وفقدان إيران لنفوذها الإقليمي، يجد النظام نفسه أمام مفترق طرق حاسم. فإما أن يقدم تنازلات كبرى في ملفه النووي ويوقف دعمه للميليشيات، أو يواجه موجة غير مسبوقة من العقوبات وربما تدخلاً عسكريًا مباشرًا.
وفي ظل الاحتقان الداخلي المتزايد، قد يكون النظام أمام خيار أخطر: مواجهة انتفاضة مسلحة قد تؤدي إلى انهياره التام، وسط عجزه عن احتواء الأزمات الاقتصادية والسياسية التي باتت تهدد وجوده.