Podcast Icon
سياسة

إيران بين التصعيد والمناورة: هل تنجح واشنطن في فرض شروطها؟

أثارت التصريحات الأخيرة للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي تساؤلات حول مستقبل المفاوضات بين طهران وواشنطن، حيث بدت وكأنها استبعاد لأي محادثات قادمة. إلا أن بهنام بن طالبلو، المدير الأول لبرنامج إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، يرى في مقاله بموقع ناشيونال إنترست أن هذه التصريحات لا تعني بالضرورة نهاية المفاوضات، بل تعكس استراتيجية إيرانية لكسب النفوذ وتعزيز موقفها التفاوضي، مع تجنب استعادة العقوبات الأمريكية القصوى أو المخاطرة بعمل عسكري ضدها.

إيران بين الأزمات الداخلية والعزلة الدولية
يربط بن طالبلو بين نهج خامنئي والوضع السياسي والاقتصادي الهش لإيران، موضحاً أن طهران تواجه عدة تحديات على مستويات مختلفة:
داخلياً: تعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة، ودفاعات جوية ضعيفة، إلى جانب تزايد الإحباط الشعبي من النظام.
إقليمياً: فقدت إيران أبرز حلفائها، مع تراجع نفوذ نظام الأسد في سوريا، وتعرض وكلائها مثل حماس وحزب الله لضربات موجعة.
دولياً: أصبحت إيران أكثر عزلة، وتعتمد بشكل شبه كامل على الصين لشراء نفطها الخاضع للعقوبات، في حين تواصل توسيع برنامجها النووي كوسيلة للضغط السياسي.

إيران والمناورات التكتيكية
على الرغم من تصريحات خامنئي التي توحي برفض المفاوضات، إلا أن طهران اتخذت خطوات توحي بانفتاحها على الحوار، مثل:
وقف هجمات وكلائها في العراق على المواقع الأمريكية منذ نوفمبر 2024.
إطلاق الحوثيين سراح رهائن ناقلة نفط كانوا قد احتجزوها.
انخراط طهران في “دبلوماسية الرهائن” بإطلاق سراح سجناء مزدوجي الجنسية لكسب ود الدول الأوروبية.
لكن بن طالبلو يحذر من تفسير هذه الخطوات على أنها دليل على حسن النية، معتبراً أنها مجرد محاولات لتخفيف الضغوط السياسية والاقتصادية على النظام.

ترامب وإيران.. عداء متجذر
يرى الكاتب أن النظام الإيراني يكن عداءً خاصاً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لأسباب رئيسة:
دعم الاحتجاجات الإيرانية: كان ترامب أكثر صراحة في تأييده للمتظاهرين ضد النظام، مقارنة بردود الفعل المتحفظة من إدارة أوباما.
سياسة “الضغط الأقصى”: فرضت إدارة ترامب عقوبات غير مسبوقة على إيران، تسببت في خسائر اقتصادية تفوقت حتى على آثار الحرب الإيرانية العراقية.
اغتيال قاسم سليماني: شكّل مقتل قائد فيلق القدس ضربة استراتيجية ونفسية قوية لطهران، أضعفت نفوذها الإقليمي ودفعت النظام إلى حالة من عدم التوازن.

كيف يجب أن تتصرف واشنطن؟
يرى بن طالبلو أن الولايات المتحدة يجب أن تتبنى نهجاً أكثر صرامة مع إيران بدلاً من التسرع في التفاوض، عبر:
تشديد العقوبات: استهداف مبيعات النفط الإيرانية إلى الصين، ما سيزيد من الضغوط الاقتصادية على النظام.
تعزيز التهديد العسكري: إبقاء الخيار العسكري الأمريكي والإسرائيلي قائماً لردع طهران عن أي تصعيد جديد.
التقليل من أهمية المحادثات: عدم منح إيران فرصة للمراوغة وكسب الوقت، بل فرض شروط صارمة على أي مفاوضات.
دعم المعارضة الإيرانية: تسليط الضوء على الإخفاقات الداخلية للنظام وتعزيز الأصوات المناهضة له داخل إيران.

هل ستنجح إيران في المناورة؟
يرى الكاتب أن تصريحات خامنئي الأخيرة ليست رفضاً قاطعاً للحوار، بل جزء من استراتيجية لكسب الوقت وإعادة ترتيب الأوراق. ومع ذلك، فإن تزايد الأزمات الداخلية والخارجية قد يجعل مناورات طهران أكثر صعوبة.

ويختتم مقاله بتحذير من أن الإشارات المتضاربة الصادرة عن إيران ليست مؤشراً على حسن النية، بل علامة على الضعف، مما يستدعي من واشنطن الرد بالقوة والضغط المستمر، بدلاً من تقديم تنازلات قد تمنح النظام الإيراني فرصة جديدة لتعزيز موقفه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى