
تتجه الأنظار إلى اليمن بعد موجة الغارات الأمريكية المكثفة التي استهدفت مواقع قيادية للحوثيين، وأسفرت عن سقوط 53 قتيلاً وفق مصادر يمنية.
التصعيد الأمريكي، الذي بدا مختلفًا نوعيًا عن الضربات السابقة، يثير تساؤلات حول أهدافه الحقيقية ومدى احتمالية تحوله إلى مواجهة إقليمية مباشرة مع إيران.
على خطى إسرائيل؟
تُظهر طبيعة العمليات العسكرية الأمريكية الأخيرة تحولًا استراتيجيًا في طريقة استهداف الحوثيين.
فبينما كانت الضربات السابقة محدودة وعشوائية في بعض الأحيان، جاءت هذه الهجمات أكثر دقة وتأثيرًا، مستندة على معلومات استخباراتية متقدمة.
وتشير تقارير إلى أن واشنطن اعتمدت في عملياتها على طائرات إنذار مبكر انطلقت من قواعد في البحرين، الإمارات، قطر، وقبرص، مما يعكس مستوى التنسيق الاستخباراتي العالي.
كما شملت الأهداف قواعد متحركة لإطلاق الصواريخ الحوثية، بالإضافة إلى السفينة الإسرائيلية المحتجزة “غلاكسي ليدر”، التي يُعتقد أن الحوثيين حولوها إلى مركز تنصت وتجسس.
رسائل أمريكية إلى طهران
يبدو أن الضربة الأمريكية لم تستهدف الحوثيين فقط، بل حملت رسالة مباشرة إلى إيران، التي تُتهم بدعمهم عسكريًا واستخباراتيًا.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صعّد من لهجته، مؤكدًا أن “كل إطلاق للحوثيين سينظر إليه من الآن فصاعدًا على أنه صادر من إيران، وهي التي ستتحمل العواقب الوخيمة”.
وفي هذا السياق، صرّح مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز بأن الولايات المتحدة لن تكتفي باستهداف الحوثيين، بل قد توسع عملياتها إلى أهداف مرتبطة بإيران مباشرة، بما في ذلك السفن الإيرانية القريبة من السواحل اليمنية، التي يُشتبه في قيامها بمهام استخباراتية لدعم الحوثيين.
التصعيد يتسارع
بالتزامن مع الغارات الأمريكية في اليمن، شنّت إسرائيل أعنف هجوم لها على غزة منذ وقف إطلاق النار، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 فلسطينيًا وفق مصادر محلية.
وتزامن الهجوم الإسرائيلي مع تهديدات الحوثيين بأنهم سيردّون على أي ضربة إسرائيلية لغزة باستهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر، ما يعزز فرضية ارتباط التحركات الأمريكية والإسرائيلية في مواجهة النفوذ الإيراني.
هل تتجه المنطقة نحو مواجهة مفتوحة؟
تطرح التطورات الأخيرة تساؤلات حول احتمالية انزلاق المنطقة إلى مواجهة أوسع، خصوصًا أن أي تصعيد إضافي قد يدفع الحوثيين إلى تكثيف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، مما سيستدعي ردًا أمريكيًا أشد.
ورغم التصريحات الأمريكية المتشددة، إلا أن هناك من يستبعد احتمال اندلاع حرب شاملة، مشيرين إلى أن إدارة ترامب لطالما أكدت عدم رغبتها في التورط في حرب إقليمية مباشرة.
كما أن الحوثيين، رغم الضغوط العسكرية، يمتلكون خبرة ميدانية طويلة، إلى جانب غطاء جغرافي واجتماعي معقد يجعل القضاء عليهم عسكريًا أمرًا صعبًا.
في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيتحول التصعيد الأمريكي إلى مواجهة مباشرة مع إيران، أم أن الضربات الأخيرة تندرج ضمن لعبة توازنات تهدف إلى ردع الحوثيين دون الانزلاق إلى حرب شاملة؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.