Podcast Icon
سياسة
أخر الأخبار

واشنطن وتخفيف مشروط للعقوبات على سوريا.. الأبعاد والتداعيات

كشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن الولايات المتحدة قدّمت لسوريا قائمة شروط، يتعين على دمشق الالتزام بها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

ومن أبرز تلك الشروط ضمان عدم تولي أجانب مناصب قيادية في الحكومة، وتدمير أي مخزون متبقٍ من الأسلحة الكيميائية، إضافة إلى التعاون في مكافحة الإرهاب.

تفاصيل اللقاء وشروط واشنطن

وفقًا لمصدرين، أحدهما أمريكي والآخر سوري، سلمت ناتاشا فرانشيسكي، نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون بلاد الشام وسوريا، قائمة المطالب إلى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال اجتماع خاص على هامش مؤتمر المانحين لسوريا في بروكسل يوم 18 مارس/آذار.

تعد هذه المحادثات أول تواصل مباشر رفيع المستوى بين واشنطن ودمشق منذ وصول إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم في يناير 2025.

وقد أفادت ستة مصادر، من بينهم مسؤولان أمريكيان ومصدر سوري ودبلوماسي إقليمي، بأن القائمة تضمنت أيضًا تعيين منسق اتصال للمساعدة في تحديد موقع الصحفي الأمريكي أوستن تايس، الذي فُقد في سوريا منذ أكثر من عقد.

تغيير في المشهد السوري

يُنظر إلى هذه المطالب على أنها محاولة أمريكية لتوجيه سياسة الحكومة السورية الجديدة بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي.

فالشرط المتعلق بعدم تولي أجانب مناصب حكومية يعكس قلق واشنطن من وجود عناصر أجنبية، بمن فيهم مقاتلون سابقون من الويغور، وأردنيون، وأتراك، في مواقع حساسة داخل وزارة الدفاع السورية.

كما يشير طلب التعاون في مكافحة الإرهاب إلى أن واشنطن لا تزال تضع أمنها الإقليمي ضمن أولوياتها، خصوصًا مع تصاعد المخاوف من وجود تنظيمات متطرفة في المشهد السوري الجديد.

تخفيف مشروط للعقوبات

في حال التزام دمشق بالشروط الأمريكية، ستقدم واشنطن بعض التسهيلات، من بينها تمديد الإعفاء الحالي من المعاملات المالية مع المؤسسات الحكومية السورية لمدة عامين، وربما إصدار إعفاءات جديدة.

كما قد تصدر بيانًا يدعم وحدة الأراضي السورية، وهي خطوة رمزية تهدف إلى طمأنة الحكومة الجديدة بشأن التزام واشنطن بوحدة سوريا.

أبرز التحديات أمام سوريا

تعاني سوريا من أزمة اقتصادية خانقة، فالعقوبات الأمريكية والأوروبية التي فرضت خلال سنوات الحرب أدت إلى انهيار الاقتصاد، ما دفع الحكومة الجديدة إلى المطالبة برفعها بالكامل.

وقد تم تعليق بعض العقوبات جزئيًا، لكن تأثير ذلك ظل محدودًا، إذ لم يسمح حتى الآن بتمويل رواتب القطاع العام عبر المصارف السورية.

الولايات المتحدة بدورها منحت ترخيصًا عامًا لمدة ستة أشهر في يناير الماضي لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية، إلا أن هذه الخطوة لم تكن كافية في نظر دمشق، التي تطالب بإلغاء القيود الاقتصادية بشكل كامل.

خلافات داخل الإدارة الأمريكية

فيما يبدو أن واشنطن لم تحسم استراتيجيتها النهائية تجاه سوريا، فإن هناك انقسامًا داخل الإدارة الأمريكية بشأن كيفية التعامل مع القيادة الجديدة في دمشق.

بينما يفضل بعض مسؤولي البيت الأبيض تبني موقف أكثر تشددًا، مشيرين إلى ارتباط بعض الشخصيات الجديدة بجماعات متطرفة سابقة، تدفع وزارة الخارجية الأمريكية نحو نهج أكثر مرونة، يتضمن تفاعلًا محسوبًا مع الحكومة السورية.

وقد انعكست هذه الخلافات في نقاشات حادة بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية حول الصياغة النهائية لبيان وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي شجب فيه العنف في غرب سوريا، حيث قُتل مئات المدنيين العلويين في كمين نُسب لمسلحين موالين للنظام السابق.

إسرائيل والملف السوري

في سياق متصل، أفادت تقارير بأن إسرائيل تمارس ضغوطًا على واشنطن لضمان بقاء سوريا في وضع ضعيف ومفكك. وعلى الرغم من أن الإدارة الأمريكية لم تتبنَّ بالكامل هذه الرؤية، فإن بعض المخاوف الإسرائيلية بدأت تجد صدى داخل بعض الدوائر الأمريكية.

ويبقى السؤال الأبرز: هل ستقبل دمشق بهذه الشروط أم ستراهن على صمودها في مواجهة الضغوط الأمريكية؟ كما أن مدى جدية واشنطن في تقديم تخفيف فعلي للعقوبات لا يزال موضع شك، خصوصًا في ظل التجاذبات السياسية داخل الإدارة الأمريكية نفسها. في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الملف السوري لا يزال في طور التشكّل، وأن أي تحول في مسار العقوبات والعلاقات الأمريكية-السورية سيعتمد على تطورات المشهدين السياسي والعسكري في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى