مظاهرات غاضبة في تركيا.. اعتقال إمام أوغلو يشعل الشارع ويعيد رسم ملامح السياسة

شهدت تركيا زلزالًا سياسيًا جديدًا باعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، قبل أيام من إعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة، في خطوة وصفتها المعارضة بأنها “محاولة انقلابية سياسية” لقطع الطريق أمام أبرز منافسي الرئيس رجب طيب أردوغان.
الاعتقال والاتهامات: ضربة للمعارضة أم خطوة محسوبة؟
اعتقلت السلطات التركية إمام أوغلو، متهمة إياه بالفساد و”قيادة منظمة إجرامية”، وهي اتهامات وصفها أنصاره بـ”المفبركة” لإقصائه من المشهد السياسي. تزامن ذلك مع حملة أوسع طالت 100 شخص، بينهم سياسيون وصحفيون ورجال أعمال، ما أثار تساؤلات حول توقيت الاعتقالات مع اقتراب الانتخابات.
في فيديو انتشر على نطاق واسع، قال إمام أوغلو: “لا يمكن إسكات إرادة الشعب. سأقف بحزم من أجل الديمقراطية والعدالة، وسأسلم نفسي للشعب”، مؤكدًا أن الهجوم عليه يستهدف إرادة ملايين الأتراك.
مظاهرات غاضبة في إسطنبول وأنقرة: “اللص في القصر، وإسطنبول في الشوارع”
خرجت حشود غفيرة إلى شوارع إسطنبول وأنقرة رغم حظر التظاهر، مرددة شعارات غاضبة ضد الحكومة. ورغم استخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، لم تتراجع الحشود.
وبينما وصف أوزغور أوزيل، رئيس حزب الشعب الجمهوري، الاعتقال بأنه “انقلاب على إرادة الشعب”، قال إلهان أوزغال، نائب رئيس الحزب، إن الحكومة تستخدم القضاء “كأداة لترهيب المعارضة”.
في المقابل، أصرت الحكومة على أن القضاء مستقل، وأن الاتهامات جنائية لا علاقة لها بالسياسة.
إمام أوغلو: نجم سياسي يصعد من قلب إسطنبول
برز إمام أوغلو كنجم سياسي ساطع بعد فوزه بانتخابات بلدية إسطنبول مرتين، رغم ضغوط حزب العدالة والتنمية. تمكن من توحيد صفوف المعارضة العلمانية والمحافظة، ما جعله تهديدًا مباشرًا لأردوغان.
“من يخسر إسطنبول، يخسر تركيا” — عبارة شهيرة لأردوغان باتت تُطارد حزبه، خاصة بعد هزيمة مريرة في انتخابات 2019، عندما أطاح إمام أوغلو بحزب العدالة والتنمية في عقر داره.
رغم أصوله المحافظة، تبنى إمام أوغلو خطابًا يجمع بين القيم الاجتماعية الديمقراطية والانفتاح، معتمدًا على شخصية هادئة وفكاهية تجذب الأتراك من مختلف التيارات.
إرث أردوغان يعيد نفسه؟
المفارقة أن قصة إمام أوغلو تبدو وكأنها نسخة مكررة من صعود أردوغان نفسه، الذي بدأ مسيرته السياسية كرئيس لبلدية إسطنبول، قبل أن يصطدم بالقضاء ويُسجن لفترة وجيزة — ليعود أقوى ويصل إلى قمة السلطة.
هل يعيد التاريخ نفسه، ويصبح إمام أوغلو “أردوغان القادم”؟
سيناريوهات ما بعد الاعتقال: تركيا إلى أين؟
احتدام المواجهة: قد يتسبب اعتقال إمام أوغلو في إشعال احتجاجات واسعة وطويلة الأمد، ما يزيد من حالة الاستقطاب السياسي.
توحيد المعارضة: قد ينجح حزب الشعب الجمهوري في استغلال الاعتقال لتعزيز شعبية إمام أوغلو وتحويله إلى رمز للمقاومة.
ضربة قاضية للمعارضة: إذا تم تأكيد الاتهامات ومنعه من الترشح، قد تفقد المعارضة أبرز أوراقها في مواجهة أردوغان.
في النهاية، يبدو أن اعتقال إمام أوغلو قد يتحول إلى شرارة تشعل الشارع التركي، لتفتح صفحة جديدة في معركة سياسية تتجاوز حدود إسطنبول.. وربما تُعيد رسم مستقبل تركيا بأكملها.
هل يكون إمام أوغلو الضحية التي تُحول المعارضة إلى قوة لا تُقهر؟ أم ينجح أردوغان في إخماد الاحتجاجات والاحتفاظ بسيطرته على المشهد السياسي؟