
في عملية عسكرية وُصفت بالحاسمة، أعلنت السلطات العراقية بالتنسيق مع الولايات المتحدة مقتل قائد تنظيم داعش في العراق، عبد الله مكي مصلح الرفيعي، المعروف باسم “أبو خديجة”، خلال عملية دقيقة بمحافظة الأنبار.
وتشكل هذه الضربة تطورًا بارزًا في جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة، وسط تساؤلات حول انعكاساتها على مستقبل التنظيم، وهو ما تحاول سكاي نيوز عربية الإجابة عليه في التقرير التالي.
عملية نوعية بجهود استخبارية مكثفة
كشف الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، صباح النعمان، في تصريح خاص لـ”سكاي نيوز عربية”، أن “العملية جاءت بعد تحضير استمر أكثر من عامين، مع متابعة دقيقة لتحركات أبو خديجة على مدى الأشهر الستة الماضية”، مؤكدًا أن “الجهد الاستخباري العراقي يعمل على تفكيك التنظيم وقطع أوصاله لمنع إعادة تواصله”.
وأضاف النعمان أن “أبو خديجة لم يكن مجرد قائد محلي، بل كان مسؤولًا عن التخطيط والتنسيق للعمليات الإرهابية على نطاق أوسع، يشمل العراق وسوريا، ويمتد تأثيره إلى المحيط الإقليمي”، وهو ما يبرز أهمية القضاء عليه في إضعاف الشبكة القيادية لداعش.
تداعيات الضربة على تنظيم داعش
يرى الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، سرمد البياتي، أن “مقتل أبو خديجة يمثل ضربة موجعة لداعش، حيث كان يلعب دورًا محوريًا في إعادة تنسيق العمل داخل التنظيم بعد فقدان العديد من قادته”.
وأضاف أن “داعش يعاني حاليًا من ضعف شديد بعد تصفية قياداته العليا، مما سيؤثر على قدرته على تنفيذ عمليات إرهابية واسعة النطاق في المستقبل القريب”.
ويشير المراقبون إلى أن غياب شخصية قيادية بحجم أبو خديجة سيخلق فراغًا يصعب على التنظيم ملؤه بسرعة، خاصة في ظل الضغوط الأمنية والاستخبارية التي يواجهها.
محاولات إعادة التمركز والتكيف
على الرغم من الضربات المتتالية التي تعرض لها التنظيم، يؤكد النعمان أن “داعش لا يزال يحاول إعادة ترتيب صفوفه، خصوصًا خارج العراق، حيث يسعى إلى تنشيط خلاياه في مناطق أخرى، مثل الساحل الإفريقي”.
ويتفق البياتي مع هذا الطرح، مشيرًا إلى أن “التنظيم قد يلجأ إلى اختيار قيادات جديدة من خارج العراق وسوريا، مثل الصومال وغرب إفريقيا، حيث زادت أنشطته الإرهابية مؤخرًا”.
التعاون الأمني.. مفتاح النجاح
أكدت هذه العملية مدى فاعلية التعاون الاستخباري والأمني بين العراق وقوات التحالف الدولي في تعقب واصطياد قيادات التنظيم.
وأوضح النعمان أن “القدرات الأمنية العراقية شهدت تطورًا ملحوظًا، بفضل قاعدة بيانات تفصيلية تشمل عناصر التنظيم، بالإضافة إلى تنسيق متقدم مع قوات التحالف وإقليم كردستان العراق”.
وأشار البياتي إلى أن “داعش أصبح أكثر حذرًا في تحركاته، إلا أن التطور في تقنيات الرصد والمتابعة مكن الأجهزة الاستخبارية العراقية من تعقبه بدقة”.
وأضاف أن “معلومات استخباراتية حصلت عليها القوات الأمنية، من بينها إفادات قدمتها زوجة أبو خديجة، كانت حاسمة في تحديد موقعه النهائي وتنفيذ الضربة بنجاح”.
هل انتهى داعش في العراق؟
على الرغم من أن مقتل أبو خديجة يمثل إنجازًا أمنيًا مهمًا، فإن القضاء النهائي على التنظيم لا يزال يتطلب مزيدًا من الجهود الأمنية والاستخبارية، خاصة مع استمرار محاولات التنظيم لإعادة تنظيم نفسه في مناطق أخرى.
وفي هذا الصدد، أوضح النعمان أن “تصفية هذا القائد الإرهابي لا تعني نهاية داعش، لكنها تشكل ضربة قاصمة تحد من قدرته على تنفيذ هجمات كبيرة”.
فيما أكد البياتي أن “التنظيم يواجه أزمة قيادة حقيقية، لكنه سيظل يمثل تهديدًا طالما يواصل محاولاته لإعادة التمركز في مناطق جديدة”.
في النهاية؛ يشكل مقتل أبو خديجة ضربة قوية لتنظيم داعش، مما سيؤدي إلى مزيد من الانهيار في بنيته التنظيمية داخل العراق وسوريا.
ومع ذلك، لا يزال التنظيم يشكل تهديدًا أمنيًا، خاصة في ظل محاولاته المستمرة للتوسع في مناطق أخرى. ويجمع الخبراء على أن استمرار التعاون بين العراق والتحالف الدولي هو المفتاح لضمان القضاء النهائي على فلول التنظيم ومنع عودته إلى الواجهة مجددًا.