
بعد ما يزيد عن عامين من الفراغ الرئاسي، تم انتخاب العماد جوزيف عون قائد الجيش اللبناني رئيسا للبلاد، والتي قد تمثل نقطة فارقة في حل الأزمة السياسية المستفحلة في لبنان.
انتخاب جوزيف عون يعد اختبارا حقيقيا لقدرة النظام السياسي اللبناني على التغلب على التحديات الراهنة، وإعادة بناء الثقة الداخلية والخارجية، في وقت تشهد فيه البلاد أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة.
جوزيف عون مرشح توافقي:
ويُعتبر العماد عون شخصية تحظى باحترام واسع داخل المؤسسة العسكرية وخارجها، وصفه النائب فراس حمدان في تصريح لسكاي نيوز عربية بأنه “رجل المرحلة” الذي يتحمل مسؤوليات ضخمة في إعادة بناء الدولة وتنفيذ الإصلاحات الضرورية.
انتخابات الرئاسة في لبنان:
يُشير الصحفي والكاتب نقولا ناصيف إلى أن تاريخ الانتخابات الرئاسية في لبنان، منذ استقلاله عام 1943، كان مليئًا بالاستثنائية من أصل 13 عملية انتخابية، جرت انتخابات عادية فقط مرتين دون تدخلات خارجية أو أزمات داخلية.
ويعزو ناصيف هذا الاستثنائي إلى التحولات التي فرضها اتفاق الطائف، الذي جعل انتخاب الرئيس مرهونًا بالتوازنات الإقليمية والدولية.
ويضيف ناصيف أن الرئيس الجديد يجب أن يكون شخصية جامعة لجميع اللبنانيين، ويتحلى بدور حكمي بين القوى السياسية، لا كطرف في النزاعات.
تحديات ما بعد الانتخابات:
النائب فراس حمدان يؤكد أن الأزمة اللبنانية الحالية ليست مجرد أزمة سياسية، بل هي أزمة نظام بأكمله، ورغم أن انتخاب رئيس الجمهورية يُعتبر “مدخلًا للحل”، إلا أنه ليس الحل النهائي.
ويشدد حمدان على ضرورة تشكيل حكومة جديدة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والإدارية العاجلة، خصوصًا في ظل التدهور الاقتصادي الحاد الذي نتج عنه انهيار قيمة الليرة اللبنانية وارتفاع معدلات البطالة والفقر.
الدور الإقليمي والدولي في الانتخابات الرئاسية:
لا شك أن المتغيرات الإقليمية تلعب دورًا حاسمًا في مسار الانتخابات الرئاسية اللبنانية. التحولات في سوريا، وتأثير الحرب الإسرائيلية الأخيرة، بالإضافة إلى مواقف الدول الكبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة وإيران، تمثل عوامل ضاغطة باتجاه تسوية سياسية تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد.
وفي هذا السياق، يرى ناصيف أن التوافق الدولي على دعم العماد جوزيف عون يعكس رغبة دولية في استقرار لبنان، الذي يُعتبر جزءًا من التوازنات الإقليمية الجديدة.
وشهدت الأشهر الماضية تغييرات جذرية في الخريطة السياسية اللبنانية. بعد فشل رهاناتهم، انسحب الثنائي الشيعي من دعم سليمان فرنجية، مما دفع قوى المعارضة للبحث عن مرشح توافقي.
في هذا السياق، يشير حمدان إلى أن التحالفات السياسية التقليدية قد تعرضت لتصدعات كبيرة، مما يفتح المجال أمام تغييرات تدريجية في الطبقة السياسية.
الانتخابات: اختبار للنظام السياسي اللبناني
رغم أهمية انتخاب رئيس جديد، يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع النظام السياسي اللبناني الحالي تجاوز أزماته البنيوية؟ يشير حمدان إلى أن الأنظمة التقليدية التي قامت على المحاصصة والفساد قد انتهكت الدستور وأغرقت البلاد في التبعية الخارجية.
ويؤكد أن لبنان بحاجة إلى نظام سياسي جديد يرتكز على أسس الشفافية والكفاءة، ويعبر عن رغبة اللبنانيين في تجاوز الصراعات الطائفية.