Podcast Icon
سياسة

كيف يستغل داعش الأزمات النفسية والفقر لتجنيد الشباب؟

كشفت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير حديث عن محاولة إرهابية فاشلة لشاب نمساوي يبلغ من العمر 19 عامًا استهدف حفل المغنية الشهيرة تايلور سويفت في فيينا أغسطس الماضي. الحادثة ألقت الضوء على مسار مثير للقلق حول كيفية تحول الأزمات النفسية للشباب إلى بوابة للتطرف الذاتي، مستغلًا الدعاية الرقمية لتنظيم داعش.

العزلة بداية التطرف
وفقًا للتقرير الذي نشرته “واشنطن بوست”، بدأ الشاب بيران عليجي، وهو متدرب سابق في مصنع، بالانحدار نحو التطرف بعد تعرضه لأزمة نفسية عميقة في يوليو 2024. عليجي، الذي كان يعاني من العزلة الاجتماعية، استقال من عمله وانغمس في استهلاك محتوى متطرف على الإنترنت. أشارت الصحيفة إلى أن التنظيمات الإرهابية، مثل داعش، تستخدم منصات رقمية لاستهداف الأفراد المنعزلين نفسيًا واجتماعيًا.

الخطط الإرهابية
ذكرت “واشنطن بوست” أن عليجي اختار حفل تايلور سويفت كهدف له بسبب الحشد الجماهيري الكبير المتوقع حضوره، والذي بلغ حوالي 200 ألف شخص. وبسبب افتقاره إلى الأسلحة، لجأ الشاب إلى محاولة تصنيع متفجرات باستخدام مواد كيميائية بسيطة حصل عليها من متجر محلي وعمله السابق.

إحباط الهجوم
نقلت الصحيفة عن مصادر أمنية أن السلطات النمساوية تحركت بعد تلقيها معلومات استخباراتية من جهات أجنبية حول مخطط عليجي. في الأول من أغسطس، ألقت الشرطة القبض عليه قبل ساعات فقط من الحفل، وصادرت مواد متفجرة بدائية في شقته. كما ألقت القبض على صديق له يبلغ من العمر 17 عامًا، كان يعمل في شركة أمنية ذات صلة بالحدث.

العوامل المحركة للتطرف
أشارت الصحيفة إلى أن حالة عليجي تمثل نموذجًا واضحًا لما يسمى بـ”التطرف الذاتي”، حيث يتحول الأفراد بسبب أزماتهم الشخصية إلى أدوات لتنفيذ أجندات إرهابية. أوضحت “واشنطن بوست” أن عليجي لم يكن مدفوعًا بأيديولوجيا قوية، بل كانت أزماته النفسية والاجتماعية المحرك الرئيسي وراء انجرافه نحو العنف.

دور الإنترنت في التطرف
تحدث التقرير عن استغلال داعش للمنصات الرقمية في توجيه الأفراد، مشيرًا إلى أن المحتوى المتطرف أصبح أكثر انتشارًا رغم الجهود الدولية لحظره. وأوضحت الصحيفة أن التنظيم يركز على استقطاب المراهقين والشباب من خلال غرف دردشة مشفرة ومنصات اجتماعية.

أثر الظاهرة عالميًا
رأت صحيفة واشنطن بوست أن الأسلوب الذي يتبعه تنظيم داعش في تجنيد الأفراد المتأثرين بضغوط نفسية أو أزمات مالية يشكل تهديدًا عالميًا، خاصة مع استمرار التنظيم في العمل من الظل بعد انهيار “خلافته”. أشارت الصحيفة إلى أن النمط الجديد الذي يعتمد على “التطرف الذاتي” يجعل التنظيم قادرًا على تجنيد أفراد دون الحاجة إلى الاتصال المباشر، مما يُصعّب على الأجهزة الأمنية حول العالم التصدي لهذه التهديدات.

ذكرت الصحيفة أن العالم يشهد تحولًا في طبيعة الإرهاب، حيث أصبحت الأزمات النفسية والفقر أرضًا خصبة لاستقطاب الشباب عبر الإنترنت. هذا التحول أضاف أعباء كبيرة على الحكومات التي تجد نفسها أمام معركة معقدة ليس فقط في الميدان، بل أيضًا على المنصات الرقمية.

وقالت الصحيفة إن استمرار داعش في استخدام التكنولوجيا لنشر دعايته يتيح له التمدد خارج المناطق التقليدية التي كان يسيطر عليها، مما يؤدي إلى وقوع هجمات فردية في أماكن غير متوقعة، ويضع المجتمعات في حالة من القلق الدائم.

تأثيره على الشرق الأوسط
في الشرق الأوسط، حيث يعاني العديد من الشباب من الفقر والبطالة، وجدت الجماعات المتطرفة بيئة خصبة للتوسع. وأشارت الصحيفة إلى أن التنظيم لا يزال قادرًا على إعادة تموضعه في مناطق النزاع مثل سوريا والعراق، مما يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.

وأكدت الصحيفة أن انعدام الفرص الاقتصادية وضعف البنية التحتية للتعليم تجعل الشباب عرضة للدعاية المتطرفة. كما أن استمرار الصراعات الإقليمية يعزز من قدرة التنظيم على جذب المتضررين من هذه الأزمات، الذين يبحثون عن هوية أو هدف.

دعوات للتعاون الدولي
شددت الصحيفة على ضرورة التعاون بين الحكومات في الشرق الأوسط والعالم لمواجهة هذه الظاهرة. وأكدت أن تعزيز التعليم، وتوفير فرص العمل، والحد من الفقر، بالإضافة إلى تطوير تقنيات لرصد المحتوى المتطرف على الإنترنت، هي خطوات أساسية لتقليل خطر الإرهاب.

ونقلت عن خبراء قولهم إن معالجة الأسباب الجذرية التي تدفع الشباب نحو التطرف، مثل الفقر والأزمات النفسية، هي الطريقة الوحيدة لضمان القضاء على هذا التهديد من جذوره، خاصة في المناطق التي لا يزال فيها داعش يحتفظ بنفوذ خفي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى