اتفاق دمشق وقسد.. مخاوف عراقية قائمة وارتياح كردي

بعد إعلان الاتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد “قوات سوريا الديمقراطية (قسد)” الجنرال مظلوم عبدي، برزت أصداء إيجابية في العراق، وسط توقعات بتشكيل غرفة عمليات مشتركة بين بغداد ودمشق لتعزيز الاستقرار الأمني وضبط الحدود.
اتفاق يغير قواعد اللعبة
في العاشر من مارس 2025، أعلنت الرئاسة السورية عن توقيع اتفاق تاريخي يدمج “قسد” ضمن مؤسسات الدولة السورية، مع التأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض أي محاولات للتقسيم. هذا الاتفاق، وفق وكالة الأنباء السورية “سانا”، أعاد رسم المشهد السياسي والأمني شمال سوريا، وفتح الباب أمام ترتيبات إقليمية جديدة.
في بغداد، وصف مخلد حازم، مستشار رئيس البرلمان العراقي للشؤون العسكرية، الاتفاق بأنه “نقطة تحول” ستسهم بشكل كبير في تعزيز الأمن والاستقرار، متوقعاً أن يدفع نحو تشكيل غرفة عمليات مشتركة مع دمشق لتبادل المعلومات الأمنية وضبط الحدود.
وأشار حازم في حديثه مع “الشرق الأوسط” إلى أن الاتفاق سيمكن القوات السورية من فرض سيطرتها على المناطق الحدودية التي كانت تسيطر عليها “قسد”، ما سيقلل من عمليات التهريب وتسلل الجماعات الإرهابية، خاصة في منطقة جنوب الفرات التي لا تزال تحوي بؤراً لتنظيم “داعش”.
التحدي الأمني: مخاوف عراقية قائمة
رغم الأجواء الإيجابية، لم يخفِ حازم قلق بغداد من إمكانية استغلال الاتفاق لزعزعة استقرار العراق. لكنه استبعد هذا السيناريو، مشيراً إلى أن الأوضاع الدولية الحالية وضغوط القوى الكبرى تمنع دمشق من فتح منافذ للإرهاب.
وأضاف: “العراق يجب أن يكون حاضراً في سوريا بفاعلية، لأن لدينا حدوداً تمتد لأكثر من 600 كيلومتر. لا يمكننا تركها دون تنسيق محكم مع الجانب السوري”.
وأشار إلى أن دمشق لديها رغبة واضحة في فرض سلطتها على كامل أراضيها، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها مجموعات مسلحة تطالب بإدارات ذاتية، ما يعزز الحاجة لتعاون مشترك يحفظ استقرار البلدين.
داعش: شبح الماضي ما زال يطارد العراق
منذ صعود “داعش” في 2014 وتمدد عناصره عبر الحدود السورية، أصبح ضبط هذه الحدود هاجساً رئيسياً لصناع القرار في بغداد. ورغم القضاء على التنظيم عسكرياً، فإن خلاياه ما زالت نشطة في المناطق الحدودية.
ويشير مراقبون إلى أن بغداد، التي دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة نحو الحدود مؤخراً، تعكس حالة من الترقب والحذر رغم الاتفاق الأخير.
ارتياح كردي وترقب إقليمي
من جهته، عبّر كفاح محمود، المستشار الإعلامي لزعيم “الحزب الديمقراطي الكردستاني” مسعود بارزاني، عن تفاؤله بالاتفاق، مؤكداً أنه قد يساهم في تهدئة الأوضاع في المنطقة، بما في ذلك إقليم كردستان.
وقال محمود: “الإقليم يحترم خيارات الأكراد في دول الجوار، ولا يفرض تجربته الخاصة على الآخرين، لكنه يتدخل بشكل إيجابي إن لزم الأمر”.
وحول مخيمات الجماعات المسلحة في مناطق الإدارة الذاتية التي تديرها “قسد”، أشار محمود إلى أن الاتفاق قد يسهل السيطرة عليها وإدارتها عبر تعاون ثلاثي بين بغداد ودمشق وواشنطن.
إلا أن محمود استبعد تأثير الاتفاق على قضاء سنجار وجبل قنديل، حيث يتمركز “حزب العمال الكردستاني”، مؤكداً أن الحل هناك مرهون بقرار داخلي من الحزب نفسه.
اتفاق مؤقت أم بداية لتفاهم طويل الأمد؟
في ظل هذه التطورات، يترقب الشارع السياسي العراقي مستقبل العلاقات مع دمشق، ومدى انعكاس الاتفاق على أمن العراق. وبينما يرى البعض فيه خطوة نحو استقرار إقليمي، يحذر آخرون من احتمال تحوله إلى ورقة ضغط سياسي أو مقدمة لتحولات غير متوقعة على الأرض.