Podcast Icon
سياسة

دستور سوريا الجديد: فرصة للإصلاح أم إعادة إنتاج للأزمة؟

وسط تصاعد التوترات السياسية وضربات جوية إسرائيلية على مشارف دمشق، كشف الرئيس السوري أحمد الشرع عن مسودة الإعلان الدستوري الجديد، الذي سيحكم البلاد خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات.

هذا الإعلان أثار عاصفة من الجدل، خاصة بين المكونات الكردية والدرزية، حيث وُصف بأنه خطوة للوراء بدلاً من التقدم نحو حل شامل للصراع السوري المستمر منذ أكثر من عقد.

“قسد”: الإعلان الدستوري انقلاب على التفاهمات السابقة

اعتبر مجلس سوريا الديمقراطية (قسد) — المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية — أن الإعلان الدستوري “غير شرعي”، متهماً الحكومة بإعادة إنتاج النظام المركزي الذي كان سائداً خلال حكم بشار الأسد.

مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، حذر من أن “إبراز الشريعة الإسلامية كمرجعية دستورية” قد يقود إلى مزيد من الفوضى والانقسام، معتبرًا أن الدستور الجديد يفتح الباب أمام الإقصاء بدلًا من التشاركية التي تحتاجها سوريا في هذه المرحلة الحساسة.

الدروز يرفضون: حكومة دمشق “متطرفة”
الشيخ حكمت الهجري، زعيم طائفة الموحدين الدروز، صعّد من حدة موقفه، واصفًا حكومة دمشق بـ”المتطرفة”، مؤكدًا رفض الطائفة لأي توافق أو تسوية مع النظام الحالي.

“الحكومة الحالية لا تمثل تطلعاتنا… وهي مطلوبة للعدالة الدولية”، هكذا صرّح الهجري، ما يعكس حالة الاحتقان الطائفي والسياسي التي باتت تهدد أي محاولة للملمة المشهد السوري المتفكك.

بين التأييد الحذر والانتقادات الحادة
الكاتب والباحث السياسي بسام السليمان قدم طرحًا أكثر توازنًا، إذ وصف الإعلان الدستوري بأنه: “بمجمله وثيقة جيدة”، مشيرًا إلى أنه يعكس الواقع الديموغرافي لسوريا، حيث يشكل العرب 85% من السكان، والمسلمون 90% بمختلف طوائفهم.

لكنه انتقد غياب الآليات التنفيذية الواضحة التي تحدد كيفية تطبيق المبادئ الدستورية، مؤكدًا أن “الدستور وحده لا يكفي، بل يجب أن يكون قابلاً للتنفيذ بطريقة شفافة وعادلة”.

كما دعا السليمان إلى إعطاء الحكومة الجديدة فرصة، معتبرًا أن: “سوريا تغيرت، ويجب على الجميع التكيف مع هذا التغيير، بدل التمسك بنهج المعارضة المطلقة دون بدائل واقعية”.

هل الدستور الجديد أقل قمعًا؟
يرى السليمان أن بعض المعارضين يرفضون الدستور الجديد ليس بسبب محتواه، بل لأنهم يرفضون تغيير الأشخاص في السلطة دون تغيير جذري للنظام.

لكنه شدد على أن النظام الحالي، رغم عيوبه، أقل قمعية من النظام السابق، ويحتاج إلى وقت لإثبات مصداقيته، محذرًا من أن النزعات الطائفية والانفصالية قد تعمّق الانقسام وتُفشل أي مسار سياسي جديد.

التحديات الإقليمية والضغوط الخارجية
لم يغفل السليمان الدور الإقليمي والدولي في تأجيج الأزمة السورية، مشيرًا إلى:
إسرائيل تستمر في استهداف سوريا، ما يعرقل جهود الاستقرار.
تركيا والدول العربية تُعد طرفًا محوريًا في أي تسوية مستقبلية.
العقوبات الدولية تزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي، ما يجعل الاستقرار الداخلي أكثر صعوبة.

هل الحوار هو المخرج؟
اختتم السليمان حديثه بدعوة جميع السوريين إلى: “تجاوز الخلافات الداخلية ودعم المسار الوطني الجديد”، مع التأكيد على أن الحوار الشامل هو السبيل الوحيد لتجاوز إرث النظام السابق.

وشدد على ضرورة أن تُطمئن الحكومة الشعب بأن “الدستور يمثل جميع السوريين، وليس فئة بعينها”.

خلاصة المشهد: فرصة ضائعة أم بداية جديدة؟
الإعلان الدستوري الجديد فتح فصلًا جديدًا من الجدل السوري:
هل هو بداية استقرار؟
أم مجرد إعادة إنتاج لنظام مركزي بوجه جديد؟
وفي حين تتجه الأنظار إلى المجتمع الدولي والقوى الإقليمية، يبقى التحدي الأكبر: هل يستطيع هذا الدستور تحقيق التوازن بين السلطة المركزية والتعددية السياسية والاجتماعية؟
أم أن سوريا ستظل عالقة بين دستور يعد بالتغيير، وواقع يفرض استمرار الأزمة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى