
أعلن الجيش الإسرائيلي، أنه سيبقي على وجوده في 5 “نقاط استراتيجية” في جنوب لبنان، رغم أن الموعد النهائي لانسحابه، اليوم الثلاثاء، في خطوة تتعارض مع جهود لبنان الرامية إلى تنفيذ كامل لاتفاق وقف إطلاق النار.
“دويتش فيلة” نشر تقريرا تناول فيه التداعيات المحتملة لهذا القرار، والتي باتت تنذر بتصعيد جديد في ظل تأكيد القيادة اللبنانية على الرد.
منذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، يسري وقف لإطلاق النار بوساطة أمريكية ورعاية فرنسية، نصّ على انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في غضون ستين يومًا، قبل أن يتم تمديده حتى 18 فبراير/ شباط.
غير أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ناداف شوشاني، أعلن في مؤتمر صحافي: “بناءً على الوضع الراهن، ستبقى قوات محدودة مؤقتًا في خمس نقاط استراتيجية على طول الحدود مع لبنان لضمان أمن السكان الإسرائيليين والتأكد من عدم وجود تهديد فوري”.
هذا الموقف الإسرائيلي قوبل برفض لبناني قاطع، إذ شدد مسؤولون لبنانيون على ضرورة انسحاب إسرائيل بالكامل وفقًا لما نص عليه الاتفاق.
جوزيف عون: موقف وطني موحّد
في موازاة ذلك، أبدى الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال لقاءاته يوم الإثنين قلقه إزاء أي انسحاب غير مكتمل، مؤكدًا أن “الرد اللبناني سيكون من خلال موقف وطني موحد وجامع”، مشددًا على استعداد الجيش اللبناني للتمركز في المناطق التي ستنسحب منها القوات الإسرائيلية.
وقال عون: “لن أقبل ببقاء أي إسرائيلي على الأراضي اللبنانية”، داعيًا الولايات المتحدة وفرنسا إلى الضغط على إسرائيل لتنفيذ الاتفاق.
من جانبه، حمّل الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الحكومة اللبنانية مسؤولية ضمان انسحاب القوات الإسرائيلية في الموعد المحدد.
نتنياهو ونزع سلاح حزب الله أولوية:
في المقابل، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أن “نزع سلاح حزب الله يجب أن يتم، ونفضل أن يتولى الجيش اللبناني هذه المهمة، لكن إن لم يحدث ذلك، فإن إسرائيل ستتخذ الإجراءات اللازمة لضمان أمنها”.
وردًا على تصريحات نتنياهو، شدد الرئيس اللبناني على أن “الأولوية هي تحقيق الانسحاب الإسرائيلي، أما مسألة سلاح حزب الله فهي شأن داخلي لبناني يتفق عليه اللبنانيون”.
الانسحاب والاتهامات المتبادلة:
نص اتفاق وقف إطلاق النار على تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة (يونيفيل) في الجنوب، وانسحاب حزب الله من جنوب نهر الليطاني وتفكيك بناه العسكرية، على أن يتولى الجيش اللبناني تنفيذ ذلك.
غير أن الطرفين تبادلا الاتهامات بخرق الاتفاق، إذ تؤكد إسرائيل أنها لن تسمح بإعادة بناء القدرات العسكرية لحزب الله، بينما يتهم الحزب إسرائيل بمواصلة الاعتداءات.
في غضون ذلك، انسحبت القوات الإسرائيلية من معظم القرى الجنوبية، لكنها لا تزال متمركزة في بعض المناطق الحدودية، حيث تنفذ عمليات تفجير وغارات جوية متكررة.
تصعيد إسرائيلي جديد:
وفي تصعيد جديد، استهدفت غارة إسرائيلية في مدينة صيدا جنوبي لبنان، يوم الإثنين، مسؤولًا عسكريًا في حركة حماس.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن العملية “قضت على الإرهابي محمد شاهين، قائد مديرية العمليات في حماس بلبنان، والذي كان يعمل على التخطيط لهجمات بتمويل إيراني”.
يذكر أن إسرائيل استهدفت سابقًا عددًا من قادة حماس، أبرزهم صالح العاروري، الذي قُتل مع ستة من قيادات الحركة بضربة في ضاحية بيروت الجنوبية، في يناير/ كانون الثاني 2024.
حزب الله تحت الضغط:
من ناحية أخرى؛ تسببت المواجهات المستمرة بين إسرائيل وحزب الله في استنزاف قدرات الحزب، الذي كان يُعد القوة العسكرية والسياسية الأبرز في لبنان.
وأدت الغارات الإسرائيلية إلى تدمير أجزاء واسعة من جنوب لبنان وشرقه، بالإضافة إلى مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية.
وفي هذا السياق، تُقدِّر الحكومة اللبنانية تكلفة إعادة الإعمار الأولية بين 10 و11 مليار دولار، بينما لا يزال أكثر من 100 ألف لبناني في عداد النازحين. وحذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من أن تدمير البنية التحتية يمنع عودة آلاف السكان إلى منازلهم.
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستنجح الضغوط الدبلوماسية في منع التصعيد، أم أن المنطقة على أعتاب مواجهة جديدة؟