Podcast Icon
سياسة
أخر الأخبار

تصعيد غير مسبوق.. أزمة سياسية تهدد استقرار تركيا

تشهد تركيا موجة احتجاجات غير مسبوقة منذ سنوات، عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز وجوه المعارضة والمرشح الأوفر حظًا لمنافسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتخابات 2028 الرئاسية.

ورغم تحذيرات أردوغان وتهديداته، يستمر حزب الشعب الجمهوري المعارض في حشد أنصاره، ما ينذر بتفاقم الأزمة السياسية في البلاد.

الشارع التركي في مواجهة السلطة

ويتظاهر آلاف الأتراك في مختلف أنحاء البلاد، منذ أيام تلبيةً لدعوة حزب الشعب الجمهوري، في مشهد يعيد إلى الأذهان الاحتجاجات الكبرى التي هزّت تركيا خلال العقد الأخير.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 300 ألف شخص شاركوا في الاحتجاجات، وفقًا لزعيم الحزب أوزغور أوزيل، الذي أكد أن العدد كان يمكن أن يكون أكبر لولا إغلاق قوات الأمن الطرق والجسور لمنع المتظاهرين من التجمع في نقطة واحدة.

وفي حين يرى المتظاهرون في اعتقال إمام أوغلو “محاولة انقلابية” تهدف إلى تقويض المعارضة وإقصاء أبرز منافس سياسي لأردوغان، تصر الحكومة على أن الإجراء قانوني، مشيرة إلى أن رئيس بلدية إسطنبول يواجه اتهامات خطيرة.

ما وراء الاتهامات

وتتراوح الاتهامات الموجهة إلى إمام أوغلو بين تقديم دعم لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه الحكومة التركية منظمة إرهابية، وبين تشكيل تحالف سياسي مع حزب المساواة والديمقراطية للشعوب المؤيد للأكراد.

غير أن معارضي الحكومة يرون أن هذه الاتهامات ليست سوى غطاء قانوني لإقصاء إمام أوغلو من الساحة السياسية، خاصة أن أردوغان وحزبه، العدالة والتنمية، ينظران إليه باعتباره تهديدًا جادًا في الانتخابات المقبلة.

وتشير مصادر مقربة من المعارضة إلى أن الهدف الحقيقي من توقيف إمام أوغلو ليس القضاء على نفوذه السياسي فحسب، بل إرسال رسالة تحذيرية إلى أي شخصية معارضة تسعى لمنافسة أردوغان أو تحدي سلطته.

“إرهاب الشارع

في تعليق حاد على المظاهرات، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن حكومته لن تخضع لما وصفه بـ”إرهاب الشارع”، في إشارة إلى الاحتجاجات المتصاعدة.

وأضاف أردوغان أن الحكومة لن تسمح بتكرار سيناريو احتجاجات “حديقة غيزي” التي شهدتها تركيا عام 2013، والتي كادت تزعزع استقرار حكمه آنذاك.

ويبدو أن تصريحات أردوغان تعكس توجّه الحكومة نحو التصعيد، بدلاً من البحث عن حلول وسط، حيث تتزايد المؤشرات على احتمال اتخاذ إجراءات أمنية أكثر صرامة في الأيام المقبلة لقمع التظاهرات.

القمع الأمني يدخل المشهد

مع تصاعد الاحتجاجات، لجأت قوات الأمن إلى تفريق المتظاهرين باستخدام الغاز المسيل للدموع، وخراطيم المياه، والرصاص المطاطي، مما أدى إلى وقوع اشتباكات في عدة مدن تركية.

ووفقًا لوزير الداخلية، علي يرلي كايا، فقد تم اعتقال أكثر من 100 متظاهر حتى الآن، في حين امتدت الاحتجاجات إلى 32 محافظة على الأقل من أصل 81 محافظة تركية منذ الأربعاء الماضي.

وعلى الرغم من حملة الاعتقالات، يواصل المحتجون التعبير عن رفضهم لما يصفونه بـ”القمع السياسي”، وسط دعوات لعصيان مدني أوسع إذا لم يتم الإفراج عن إمام أوغلو قريبًا.

وفي تطور لافت، أكد حزب الشعب الجمهوري عزمه المضي قدمًا في التصويت المقرر يوم الأحد لاختيار مرشحه الرسمي لخوض انتخابات 2028، رغم توقيف إمام أوغلو.

لكن الحدث الأبرز هو أن الحزب قرر السماح لجميع المواطنين الأتراك بالتصويت في هذا الاقتراع، وليس فقط لأعضاء الحزب، في خطوة رمزية تهدف إلى إظهار أن المعارضة ليست مجرد صراع حزبي، بل قضية وطنية تهم جميع الأتراك.

مستقبل غامض: إلى أين تتجه تركيا؟

مع استمرار التوتر السياسي، تبدو تركيا أمام مفترق طرق خطير. فإذا استمر اعتقال إمام أوغلو، فقد تتجه الاحتجاجات نحو مزيد من التصعيد، ما قد يؤدي إلى أزمة سياسية عميقة قد تعيد رسم المشهد السياسي في البلاد.

وفي المقابل، إذا قررت الحكومة إطلاق سراحه تحت الضغوط الداخلية والدولية، فقد يكون ذلك بمثابة انتصار رمزي كبير للمعارضة، لكنه لن ينهي الصراع السياسي الدائر في البلاد.

في ظل هذه الأوضاع، يبقى السؤال: هل ستشهد تركيا مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي قد تهدد حكم أردوغان، أم أن النظام الحاكم سيتمكن من احتواء الأزمة كما فعل في مرات سابقة؟ الأيام المقبلة ستحمل الإجابة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى