Podcast Icon
سياسة

حكومة لبنان الجديدة: هل تراجع نفوذ حزب الله فعلا؟

تحليل بقلم حنين غدار، الزميلة في برنامج زمالة فريدمان بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

واقع جديد أم تراجع ظاهري؟
أظهرت الحكومة اللبنانية الانتقالية الجديدة تراجعًا ظاهريًا في نفوذ “حزب الله”، لكن هذا لا يعني أن الحزب فقد سطوته على المشهد السياسي. فبينما لم يعد يمتلك الثلث المعطل، لا يزال يحتفظ بوزارة المالية الحيوية، إلى جانب وسائل بديلة للتأثير على القرارات الأمنية، وإدارة إعادة الإعمار، والانتخابات المقبلة.

إعلان الحكومة في 7 فبراير جاء بعد ثلاثة أسابيع فقط من تكليف رئيس الوزراء نواف سلام، في خطوة غير مسبوقة ببلدٍ تستغرق فيه هذه العملية عادةً شهورًا من التجاذبات السياسية. ويرجع هذا الإنجاز جزئيًا إلى عاملين أساسيين: الانتصار الإسرائيلي الكبير على “حزب الله” في الحرب الأخيرة، والزيارة الحاسمة لمورغان أورتاغوس، نائب المبعوث الأمريكي الخاص، التي شددت على رفض أي مشاركة للحزب في الحكومة.

تنازلات متبادلة أم اتفاق ضمني؟
بعد لقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين، توصلت أورتاغوس إلى تفاهمات بدت وكأنها نجحت في تحجيم دور “حزب الله”. إلا أن الحزب وحليفه نبيه بري تمكنا من الاحتفاظ بأربعة وزراء، من بينهم وزير المالية، ما يمنحهما تأثيرًا كبيرًا في القرارات الحكومية، رغم عدم امتلاكهما القدرة على تعطيل الحكومة منفردين.

ويبدو أن الحكومة حصلت على ضمانات تقضي بمنع معسكر “حزب الله” من امتلاك الثلث المعطل، في مقابل الاحتفاظ بوزارة المالية وبعض الحقائب الأخرى. وهذا يضع تساؤلًا كبيرًا حول مدى قدرة الحكومة الجديدة على العمل باستقلالية فعلية، خاصة وأن بري كان حجر عثرة في تشكيلها حتى تأكد من تمثيل تياره وحلفائه.

أولويات الحكومة والملفات الساخنة
رغم أن حكومة سلام لن تستمر سوى حتى مايو 2026، إلا أنها تواجه تحديات جوهرية، أهمها:
تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، عبر تعزيز دور الجيش اللبناني وكبح نفوذ “حزب الله” في الجنوب.
ضمان انتخابات شفافة في مايو 2026، مع وضع قانون انتخابي عادل يمنع استغلال الحزب لموارد الدولة أو ترهيب الناخبين.
تحقيق إصلاحات اقتصادية حقيقية، عبر منع “حزب الله” من التلاعب بملف إعادة الإعمار وتمويل الخزينة العامة.
ضبط الحدود مع سوريا، للحد من عمليات تهريب السلاح والأموال، وضمان عودة اللاجئين السوريين بصورة منظمة وآمنة.
تعيين شخصيات حاسمة في مفاصل الدولة، مثل قيادة الجيش وحاكم مصرف لبنان، لضمان عدم تحوّل هذه المؤسسات إلى أدوات بيد “حزب الله”.

هل سيفي نواف سلام بوعوده؟
رغم تأكيد رئيس الحكومة أنه سيعمل على الحد من نفوذ الحزب، إلا أن التركيبة الحالية قد تسمح للحزب بمواصلة التأثير في القرارات الجوهرية، خصوصًا فيما يتعلق بالقضايا الأمنية والمالية. ويبقى السؤال: هل تستطيع الحكومة اتخاذ قرارات جريئة دون عرقلة من وزير المالية أو حلفاء الحزب؟

توصيات سياسية: الضغط المستمر هو الحل
في ظل بقاء “حزب الله” لاعبًا رئيسيًا في الحكومة، يتوجب على الولايات المتحدة وشركائها الدوليين مواصلة الضغط لمنع الحزب من استغلال مؤسسات الدولة لصالحه. ويشمل ذلك:
مراقبة وزارة المالية لضمان عدم استخدامها كأداة لتمويل الحزب.
فرض رقابة دولية على المساعدات المالية، خاصة تلك المخصصة لإعادة الإعمار.
دعم الجيش اللبناني بشروط صارمة، لضمان تنفيذه اتفاق وقف إطلاق النار ومنع إعادة تسليح الحزب.
تمكين المعارضة الشيعية كبديل سياسي في الانتخابات المقبلة.

نقطة تحوّل أم إعادة تموضع؟
قد يبدو أن “حزب الله” فقد بعض نفوذه السياسي، لكنه لا يزال يمتلك أوراق قوة تمكنه من التأثير في القرارات المصيرية للبنان. نجاح الحكومة الجديدة سيعتمد على مدى قدرتها على المناورة بين الضغوط الدولية والتحديات الداخلية، دون السماح للحزب بإعادة ترتيب أوراقه والالتفاف على الإصلاحات المنتظرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى