
في مشهد جيوسياسي متوتر، يتبنى الرئيس الأميركي دونالد ترامب استراتيجية الضغط الأقصى ضد إيران، مستندًا إلى مبدأ “العصا والجزرة”، حيث يترك الباب مفتوحًا أمام اتفاق محتمل، لكنه في الوقت ذاته يلمّح إلى تحرك عسكري وشيك.
تصعيد متبادل أم تمهيد للتفاوض؟
تتزامن التهديدات الأميركية مع تحركات إسرائيلية متزايدة، إذ كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن تأكيدات مسؤولين إسرائيليين بأن اللحظة الحالية قد تكون الأنسب لتوجيه ضربة حاسمة للمنشآت النووية الإيرانية، وهو سيناريو لا يمكن تحقيقه دون دعم عسكري ولوجستي من الولايات المتحدة. في المقابل، ترفض إيران أي تفاوض تحت الضغط، مؤكدة أن العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها تمثل عائقًا أمام أي حوار جاد.
حسين رويوران، أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، يرى أن طهران مستعدة لتقديم ضمانات حول سلمية برنامجها النووي، شرط رفع العقوبات بالكامل. ويؤكد أن “التفاوض يجب أن يتم وفق شروط متوازنة، لأن البديل عسكري، وهو ما لا يخدم مصلحة أي طرف”.
ترامب بين الدبلوماسية وخيار القوة
ترامب، من جانبه، يؤكد أن واشنطن لن تسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي، لكنه لا يستبعد الحلول الدبلوماسية. تصريحاته الأخيرة تعكس موقفًا مزدوجًا، حيث قال: “نحن نقترب من لحظة الحسم مع إيران، وشيء ما سيحدث قريبًا جدًا”، ما يترك المجال مفتوحًا لكافة السيناريوهات.
إسرائيل تستعد.. وإيران تلوح بالرد
التحركات العسكرية الإسرائيلية تشير إلى استعدادات فعلية لمواجهة محتملة، فقد أجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات مكثفة في منطقة جبل الشيخ، التي تشبه في تضاريسها بعض المناطق الإيرانية. وتضمنت هذه المناورات سيناريوهات معقدة، من إنزال جوي إلى اشتباكات في بيئات جبلية وعرة.
في المقابل، نفذت إيران مناورات عسكرية موسعة، شملت اختبار صواريخ متطورة مثل “خيبر 4″، الذي يتمتع بقدرة تدميرية تعادل 60 طنًا من الـTNT. كما هددت طهران بأن منشآت إسرائيل النووية ستكون ضمن أهداف أي رد عسكري في حال تعرضها لهجوم.
بين الضغوط والخيارات الصعبة.. ما السيناريو القادم؟
مع استمرار الضغوط الأميركية وتزايد التصعيد الإسرائيلي، تجد إيران نفسها أمام خيارات صعبة؛ فالتراجع تحت الضغط يعني خسارة سياسية داخلية كبيرة، بينما التصعيد العسكري قد يؤدي إلى مواجهة مكلفة وغير مضمونة النتائج.
الدبلوماسي الإسرائيلي السابق مئير كوهين، في حديثه مع “سكاي نيوز عربية”، أشار إلى أن “المنطقة تقترب من لحظة الحقيقة، فإما الوصول إلى تسوية شاملة، أو الدخول في مواجهة عسكرية باهظة الثمن”.
وبينما يحاول كل طرف تعزيز موقفه التفاوضي، تبقى المنطقة على صفيح ساخن، في انتظار القرار الأميركي الحاسم: هل يختار ترامب المواجهة، أم يفسح المجال للدبلوماسية؟