Podcast Icon
سياسة

اليمن في مرمى التصعيد: مخطط إيراني جديد يهدد مأرب والمنطقة

تشهد الساحة اليمنية تطورات خطيرة وسط تحذيرات حكومية من تصعيد عسكري محتمل تقوده ميليشيات الحوثي بدعم مباشر من إيران وأذرعها في المنطقة. يأتي ذلك في ظل اجتماعات مكثفة بين قيادات حوثية ومسؤولين في الحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” اللبناني في العاصمة اللبنانية بيروت، بهدف وضع خطة تصعيدية تسعى إلى تحقيق اختراق ميداني في محافظة مأرب الاستراتيجية.

مخطط إيراني جديد: مأرب في عين العاصفة

كشفت الحكومة اليمنية عن معلومات استخباراتية تشير إلى استمرار تواجد قيادات حوثية رفيعة المستوى في بيروت، حيث تعقد لقاءات مع مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” و”الحشد الشعبي” العراقي، مما يعكس توجهاً إيرانياً لتعزيز دعمها العسكري للحوثيين. وأوضح معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة اليمني، أن هذه الاجتماعات تهدف إلى نقل الأسلحة والخبراء العسكريين إلى اليمن، في خطوة تهدف إلى إعادة ترتيب الأوراق الميدانية لصالح الحوثيين.

وأشار الإرياني إلى أن هذا التحرك يأتي رداً على الضغوط الدولية التي تواجهها إيران وأذرعها في المنطقة، ومحاولة لتعويض الخسائر الاستراتيجية التي تكبدتها في سوريا ولبنان، بعد تراجع نفوذها العسكري والسياسي هناك. كما أكد أن الحوثيين يسعون من خلال هذا التصعيد إلى تحقيق تقدم عسكري نحو حقول النفط في مأرب، التي تمثل شرياناً اقتصادياً مهماً للحكومة اليمنية.

أبعاد التصعيد الحوثي.. مأرب مركز الصراع

تعد مأرب واحدة من أهم الجبهات القتالية في اليمن، حيث تسيطر القوات الحكومية على المدينة، بينما تسعى ميليشيات الحوثي لاختراقها منذ سنوات. التصعيد الحوثي الأخير يندرج ضمن استراتيجية إيرانية أوسع تهدف إلى إعادة إشعال الجبهات في المنطقة. ويشير المراقبون إلى أن الدعم الإيراني للحوثيين يعكس محاولات طهران لتعويض خسائرها في الساحة الإقليمية عبر تكثيف أنشطتها في اليمن.

الأهداف الاستراتيجية للتصعيد

وفقاً للوزير اليمني معمر الإرياني، يسعى الحوثيون إلى تحقيق عدة أهداف من هذا التصعيد:
رفع معنويات جمهور المحور الإيراني بعد الضربات التي تلقوها في سوريا ولبنان.

تعزيز موقفهم التفاوضي في ظل العقوبات الأمريكية والتصنيف الإرهابي ضدهم.

تأمين موارد اقتصادية جديدة من خلال السيطرة على منابع النفط والغاز في مأرب.

إظهار قدرة إيران على مواصلة إدارة الأزمات العسكرية رغم التحديات الدولية المتزايدة.

ارتباط الحوثيين بـ”حزب الله” وإيران.. تاريخ طويل من الدعم

لم تكن العلاقة بين الحوثيين وإيران وليدة اللحظة، بل تعود إلى التسعينيات، حيث بدأت إيران في تدريب وتسليح الحوثيين عبر “حزب الله” في لبنان. وقد استخدم الحوثيون الضاحية الجنوبية لبيروت كمركز تدريب وتأهيل لعناصرهم، مما عزز قدراتهم العسكرية والتنظيمية.

في الآونة الأخيرة، أظهرت مشاركة قيادات حوثية بارزة في تشييع الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصرالله، عمق العلاقة بين الجماعة وإيران. وقد أثار هذا الظهور تساؤلات حول حجم الوفد الحوثي الذي زار لبنان، خاصة في ظل العقوبات الدولية والتصنيف الإرهابي.

إيران والرهان على اليمن بعد سقوط أذرعها في المنطقة

مع تراجع نفوذها في لبنان وسوريا والعراق، يبدو أن إيران تسعى لجعل اليمن ساحة رئيسة جديدة لعملياتها. ويرى المحلل السياسي إحسان الشمري أن إيران تراهن على الحوثيين لتعزيز نفوذها في المنطقة عبر:

استخدام اليمن كنقطة ارتكاز لابتزاز دول الخليج والمجتمع الدولي.

توسيع دائرة الصراع الإقليمي لزيادة أوراقها التفاوضية.

تعويض خسائر “حزب الله” والنظام السوري من خلال تحويل اليمن إلى محور صراع دائم.

من جانبه، حذر السفير اليمني لدى بريطانيا ياسين نعمان من أن إيران تحاول تحويل فشلها في المنطقة إلى فرصة جديدة في اليمن عبر تصعيد العمليات العسكرية وفرض معادلات جديدة على الأرض.

الخيار العسكري.. هل يتحرك المجتمع الدولي؟

في ظل هذه التطورات المتسارعة، دعت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم تجاه التصعيد الحوثي والدعم الإيراني المستمر لهم. وأكدت الحكومة أن استمرار نقل الأسلحة والخبراء العسكريين إلى الحوثيين يعد خرقاً واضحاً للقوانين الدولية، مما يستوجب إجراءات دولية أكثر صرامة لوقف هذه التدخلات.

كما شددت الحكومة على أن أي تصعيد عسكري في مأرب لن يكون مجرد “معركة يمنية”، بل سيؤثر على الأمن الإقليمي والدولي، نظراً لأهمية مأرب كمنطقة استراتيجية تحتوي على موارد طاقة حيوية.

الميدان.. المؤشرات على الأرض

على الصعيد الميداني، أكدت وزارة الدفاع اليمنية أن قوات الجيش اليمني تصدت لمحاولات تسلل حوثية في جبهات مأرب، حيث دارت اشتباكات عنيفة أدت إلى مقتل وجرح العشرات من عناصر الحوثيين. كما أفادت تقارير عسكرية أن الميليشيات كثفت هجماتها باستخدام المدفعية الثقيلة، الطائرات المسيرة، وصواريخ الكاتيوشا.

اليمن في قلب المعادلة الإقليمية

مع استمرار إيران في استخدام الحوثيين كورقة ضغط إقليمية، يواجه اليمن تحديات خطيرة تهدد استقراره وأمنه. فالحوثيون، الذين يعملون كأداة رئيسة في المشروع الإيراني، يحاولون فرض واقع جديد يخدم الأجندة الإيرانية، مما يستدعي تحركاً حاسماً من المجتمع الدولي لضمان وقف التصعيد وقطع الدعم الخارجي للميليشيات.

تبقى الأيام المقبلة حاسمة في تحديد مسار المواجهة في مأرب، فإما أن ينجح الحوثيون في تحقيق مكاسب عسكرية جديدة بدعم إيراني، أو أن يتمكن التحالف العربي والجيش اليمني من إفشال المخطط، مما قد يشكل ضربة قاصمة لطموحات إيران في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى