Podcast Icon
سياسة
أخر الأخبار

مع تشكل سوريا الجديدة.. العراق وتحديات إعادة تعريف دوره الإقليمي

أدى سقوط نظام الأسد في سوريا إلى كسر الممر الإقليمي الممتد من إيران عبر سوريا وصولاً إلى لبنان. بات العراق، الذي يقع جغرافياً بين إيران وسوريا، أمام فرصة جديدة لإعادة توجيه سياساته نحو تأمين حدوده وتقليل التهديدات الأمنية الداخلية.

لتحقيق هذا الهدف، يحتاج العراق إلى معالجة التحديات الأمنية، وإعادة تقييم دوره الإقليمي، وتحقيق توازن استراتيجي في علاقاته الخارجية، بما يشمل الولايات المتحدة، استجابةً لمتطلبات أمنه القومي والتغيرات الإقليمية المتسارعة. 

دروس الماضي وتأثير نظام الأسد:

منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، تحولت سوريا تحت حكم الأسد إلى نقطة انطلاق للجماعات الإرهابية التي زعزعت استقرار العراق وارتكبت أعمالاً دموية أودت بحياة الآلاف. في عام 2009، اتهم رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي نظام الأسد بالضلوع في تفجيرات استهدفت مؤسسات حكومية في بغداد، وسعى لتدويل القضية عبر الأمم المتحدة.

مع انطلاق الانتفاضة السورية عام 2011 وصعود جماعات متطرفة، اختارت الحكومة العراقية الوقوف إلى جانب الأسد باعتباره “أهون الشرين”، متخوفة من خطر الجماعات الإرهابية التي امتدت نشاطاتها بين سوريا والعراق.

لكن هذا الخيار لم يمنع نشوب تهديدات، تجلت بشكل واضح في عام 2014 حين شن تنظيم داعش هجوماً واسعاً انطلاقاً من سوريا، وسيطر على ثلث أراضي العراق قبل هزيمته بعد ثلاث سنوات من القتال الشرس. 

التحديات مع النظام السوري الجديد:

مع سقوط نظام الأسد وتولي أحمد الشرع (المعروف باسم أبو محمد الجولاني) زمام القيادة في سوريا، يواجه العراق وضعاً حساساً. تُثير خلفية الشرع الإرهابية مخاوف عميقة لدى بغداد، في وقت تفتح فيه العديد من الدول الإقليمية والدولية قنوات اتصال مع القيادة السورية الجديدة. 

أصبح الوضع على الحدود العراقية السورية الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مصدر قلق أمني كبير. الأراضي غير الخاضعة للحكم في شمال شرق سوريا، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية بدعم أمريكي، معرضة لخطر الانهيار في ظل التهديدات التركية والسورية.

ويُضاف إلى ذلك المخاوف من مخيم الهول، الذي يأوي عشرات الآلاف من المحتجزين، معظمهم عراقيون يُشتبه بانتمائهم لداعش أو تعاطفهم معه.

التحركات العراقية الدبلوماسية والأمنية:

استجابةً لهذه التحديات، أرسل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مسؤولين رفيعي المستوى للقاء القيادة السورية الجديدة ومناقشة التعاون الأمني.

كما شارك العراق في اجتماعات إقليمية لبحث مستقبل سوريا والتحديات الأمنية المشتركة.

التحديات الداخلية والخارجية:

يواجه العراق ضغوطاً جيوسياسية مزدوجة: 

1- على الحدود:

تحتاج قوات الأمن العراقية إلى تعزيز قدراتها لمواجهة الجماعات المسلحة النشطة في المناطق الحدودية. 

2 – إقليمياً:

ستسعى إيران لتعويض خسارتها لنفوذها الإقليمي بعد سقوط الأسد، ما قد يدفعها للضغط على العراق. من جهة أخرى، تواجه بغداد مطالب أمريكية بمراجعة اتفاق انسحاب القوات في ظل الواقع الجديد في سوريا. 

زيارة السوداني إلى إيران:

في يناير، زار السوداني إيران لمناقشة ملفات مهمة، بينها مستقبل القوات الأمريكية في العراق ودور الفصائل المسلحة المدعومة إيرانياً.

ورغم التحليلات التي أثيرت حول إمكانية تحقيق توافق عراقي-إيراني بهذا الشأن، جاءت تصريحات المرشد الأعلى الإيراني مؤكدةً على رفض الوجود الأمريكي ودعم قوات الحشد الشعبي كعنصر قوة أساسي للعراق. 

الفرص والتحديات المقبلة:

بات على العراق إعادة صياغة سياسته الإقليمية بما يوازن بين تحديات الأمن الداخلي وضغوط القوى الإقليمية والدولية. في الوقت ذاته، يجب أن يتعامل مع المتغيرات في سوريا بحذر، آخذاً في الاعتبار التداعيات الإقليمية لاستقرار أو انهيار النظام الجديد.

ختاماً، تقع على عاتق القيادة العراقية مسؤولية صياغة استراتيجية متوازنة تُراعي المصالح الوطنية وتضمن الأمن والاستقرار في حقبة ما بعد الأسد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى