
تصاعدت الإدانات الدولية والعربية ضد استئناف إسرائيل غاراتها المكثفة على قطاع غزة، وسط اتهامات بخرق اتفاق وقف إطلاق النار وتحذيرات من كارثة إنسانية متفاقمة.
ومع تجاوز عدد القتلى 400 شخص حتى ظهر الثلاثاء، وفق وزارة الصحة في غزة، تبرز تساؤلات حول مدى تأثير هذه الإدانات على الأرض، وما إذا كان التصعيد الإسرائيلي يعكس تحولات في الاستراتيجية الإسرائيلية – الأميركية تجاه الصراع.
إدانات واسعة.. وتصعيد اللهجة ضد إسرائيل
مصر، التي لعبت دورًا محوريًا في التهدئة، اعتبرت الهجمات الإسرائيلية “انتهاكًا صارخًا” للاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطتها مع واشنطن وقطر.
وحذرت الخارجية المصرية من أن “التصعيد الخطير ينذر بعواقب وخيمة على استقرار المنطقة”، متهمة إسرائيل بمحاولة إفشال جهود التهدئة.
السعودية بدورها أدانت الغارات، مؤكدة في بيان رسمي رفضها استمرار استهداف المدنيين الفلسطينيين.
أما الأردن، فقد استخدم لهجة أكثر حدة، إذ وصف رئيس وزرائه، جعفر حسان، الهجمات بأنها “حرب على الإنسانية”، معتبرًا أن “التجويع والتهجير القسري أدوات تهدف لطرد الفلسطينيين من أرضهم”.
المتحدث باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، شدد على أن ما يحدث في غزة “عدوان همجي”، مطالبًا المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف القصف وضمان “عملية سياسية عادلة” تنتهي بإقامة دولة فلسطينية.
تركيا وإيران.. تصعيد ضد تل أبيب وواشنطن
في موقف أكثر تصعيدًا، اتهمت أنقرة حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتبني “سياسة إبادة جماعية”، معتبرة أن الضربات الأخيرة “تحدٍ لقوانين الإنسانية”.
ودعت الخارجية التركية إلى موقف دولي أكثر حسمًا ضد إسرائيل، لضمان وقف إطلاق النار بشكل دائم وإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
أما إيران، فقد حملت الولايات المتحدة مسؤولية مباشرة عن استمرار ما وصفته بـ”الإبادة الجماعية”، مشيرة إلى أن الدعم الأميركي لإسرائيل هو الذي يسمح لها بمواصلة “الجرائم بحق الفلسطينيين”.
الأمم المتحدة والصين.. تحذيرات من كارثة إنسانية
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أعرب عن “صدمته” من تجدد القصف الإسرائيلي، داعيًا إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات دون عراقيل، مشددًا على ضرورة إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين.
من جانبه وصف فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الوضع في غزة بأنه “كابوس يجب أن ينتهي فورًا”، محذرًا من أن استمرار التصعيد العسكري لن يؤدي إلا إلى تفاقم المأساة الفلسطينية.
من جهتها، دعت الصين إلى تحرك دولي عاجل لمنع وقوع “كارثة إنسانية”، مشيرة إلى أن التصعيد الإسرائيلي الحالي هو الأعنف منذ وقف إطلاق النار.
أمريكا وإسرائيل.. تنسيق قائم رغم الانتقادات
ورغم الإدانات الدولية، كشفت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، أن إسرائيل نسّقت مع إدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن الغارات الأخيرة.
وأكدت أن واشنطن تعتبر “حماس والحوثيين وإيران تهديدًا مشتركًا”، محذرة من أن “أبواب الجحيم ستفتح على كل من يسعى لترويع إسرائيل والولايات المتحدة”.
وهنا يظل التساؤل.. ما الذي تعكسه هذه المواقف؟
- التباين الدولي: رغم الإدانات الواسعة، فإن غياب موقف موحد يضغط على إسرائيل يعكس استمرار الانقسام الدولي حول التعامل مع الأزمة.
- إعادة خلط الأوراق في المنطقة: تصعيد اللهجة الأردنية والتركية ضد إسرائيل قد يعكس تحولات أوسع في مواقف بعض الدول تجاه القضية الفلسطينية، لا سيما في ظل تنامي التوترات الإقليمية.
- دور واشنطن الحاسم: التنسيق الأميركي – الإسرائيلي بشأن الغارات يشير إلى أن إسرائيل حصلت على ضوء أخضر أميركي لمواصلة عملياتها، ما قد يعني استمرار التصعيد لفترة أطول.
وختامًا..
مع استمرار الغارات وسقوط مئات الضحايا، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة الضغوط الدولية على وقف التصعيد، وما إذا كان العالم سيشهد تغيرًا في ميزان القوى السياسية أو استمرار الوضع القائم، حيث تبقى غزة ساحة مفتوحة لصراع إقليمي ودولي معقد.